وقال الحَنابِلةُ: يَصحُّ الشَّرطُ، فلو اشتَرَط أنَّ له النَّفقةَ في الحَضرِ أو السَّفرِ جازَ ذلك، وله ما قُدِّر له مِنْ مأكولٍ ومَلبوسٍ ومَركوبٍ وغَيرِه.
قال أحمدُ في رِوايةِ الأثرَمِ: أحَبُّ إلَيَّ أنْ يَشترطَ نَفقةً مَحدودةً، وإنْ أطلَقَ صَحَّ، نَصَّ عليه، وله نَفَقتُه مِنَ المَأكولِ ولا كِسوةَ له.
قال أحمدُ: إذا قال: «له نَفَقتُه»، فإنَّه يُنفِقُ، قيلَ له: فيَكتَسي، قال: لا، إنَّما له النَّفقةُ.
وإنْ كان سَفَرُه طَويلًا يَحتاجُ إلى تَجديدِ كِسوةٍ فظاهِرُ كَلامِ أحمدَ جَوازُها؛ لأنَّه قيلَ له: فلَم يَشترطِ الكِسوةَ، إلا أنَّه في بَلدٍ بَعيدٍ وله مُقامٌ طَويلٌ يَحتاجُ فيه إلى كِسوةٍ، فقال: إذا أذِنَ له في النَّفقةِ فعَل ما لَم يَحمِلْ على مالِ الرَّجلِ، ولَم يَكُنْ ذلك قَصدَه، هذا مَعناه.
وقال القاضي وأبو الخَطَّابِ: إذا شرَط له النَّفقةَ فله جَميعُ نَفَقتِه مِنْ مَأكولٍ أو مَلبوسٍ بالمَعروفِ، وقال أحمَدُ: يُنْفِقُ على مَعنى ما كان يُنْفِقُ على نَفْسِه غَيرَ مُتعَدٍّ بالنَّفقةِ ولا مُضِرٍّ بالمالِ.
ولَم يَذهبْ أحمدُ إلى تَقديرِ النَّفقةِ؛ لأنَّ الأسعارَ تَختلِفُ، وقد تَقِلُّ وتَكثُرُ؛ فإنِ اختَلَفا في قَدْرِ النَّفقةِ فقال أبو الخَطَّابِ: يَرجِعُ في القُوتِ إلى الإطعامِ في الكَفَّارةِ وفي الكِسوةِ، إلى أقَلِّ مَلبوسٍ مِثلِه؛ فإنْ كان معه مالٌ لِنَفْسِه مع مالِ المُضارَبةِ أو كان معه مُضاربةٌ أُخرى أو بِضاعةٌ لِآخَرَ فالنَّفقةُ على قَدْرِ المالَيْن؛ لأنَّ النَّفَقةَ إنَّما كانت لِأجلِ السَّفرِ، ولأنَّ السَّفرَ لِلمالَيْن فيَجِبُ أنْ تَكونَ النَّفقةُ مَقسومةً على قَدرِهما، إلا أنْ