بالعَملِ، والعَملُ يَحصُلُ بالشِّراءِ؛ فإذا اشتَرى في المِصرِ تَعيَّنَ أحَدُ العَملَيْن فلا يَتغيَّرُ بالسَّفرِ، وإنْ عَمِل ببَعضِ المالِ في السَّفرِ وببَعضٍ في الحَضرِ فرَبِح كلُّ واحِدٍ مِنَ المالَيْن على ما شرَط.
ولو قال له:«على أنْ تَشتريَ مِنْ فُلانٍ وتَبيعَ منه»، جازَ، وهو على فُلانٍ خاصَّةً ليس له أنْ يَشتريَ ويَبيعَ مِنْ غَيرِه؛ لأنَّ هذا شَرطٌ مُفيدٌ لاختِلافِ الناسِ في الثِّقةِ والأمانةِ؛ لأنَّ الشِّراءَ مِنْ بَعضِ الناسِ قد يَكونُ أربَحَ؛ لِكَونِه أسهَلَ في البَيعِ، وقد يَكونُ أوثَقَ على المالِ، فكانَ التَّقييدُ مُفيدًا كالتَّقييدِ بنَوعٍ دونَ نَوعٍ.
ولو قال:«على أنْ تَشتريَ بها مِنْ أهلِ الكوفةِ وتَبيعَ»، فاشتَرى وباعَ مِنْ رِجالٍ بالكوفةِ مِنْ غَيرِ أهلِها فهو جائِزٌ؛ لأنَّ هذا الشَّرطَ لا يُفيدُ إلا تَركَ السَّفرِ، كأنَّه قال:«على أنْ تَشتريَ ممَّن بالكُوفةِ».
وكذلك إذا دفَع إليه مالًا مُضاربةً في الصَّرفِ على أنْ يَشتريَ مِنَ الصَّيارفةِ ويَبيعَ، كان له أنْ يَشتريَ مِنْ غَيرِ الصَّيارِفةِ ما بدا له مِنَ الصَّرفِ؛ لأنَّ التَّقييدَ بالصَّيارِفةِ لا يُفيدُ إلا تَخصيصَ البَلدِ أو النَّوعِ؛ فإذا حصَل ذلك مِنْ صَيرَفيٍّ أو غَيرِه فهو سَواءٌ.
ولو دفَع إليه مالًا مُضاربةً ثم قال له بعدَ ذلك:«اشتَرِ به البَزَّ وبِعْ»، فله أنْ يَشتريَ البَزَّ وغَيرَه؛ لأنَّه أذِنَ بالشِّراءِ مُطلَقًا ثم أمرَه بشِراءِ البَزِّ فكان له أنْ يَشتريَ ما شاءَ، وهذا كقَولِه:«خُذْ هذا المالَ مُضاربةً واعمَلْ به بالكوفةِ»، إلا أنَّه هناك القَيدُ مُقارِنٌ وههنا مُتراخٍ وقد ذكَرناه.