للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودَقيقُها؛ إذْ لا يُرادُ به كلُّ ما يُتطعَّمُ، بل بَعضٌ دونَ بَعضٍ، والأمرُ يَختلِفُ باختِلافِ عادةِ البُلدانِ، فاسمُ الطَّعامِ في عُرفِهم لا يَنطلِقُ إلا على الحِنطةِ ودَقيقِها، وكذلك لو ذكَر جِنسًا آخَرَ بأنْ قال له خُذ هذا المالَ مُضاربةً بالنِّصفِ على أنْ تَشتريَ به الدَّقيقَ أو الخُبزَ أو البُرَّ أو غَيرَ ذلك، فليس له أنْ يَعملَ مِنْ غَيرِ ذلك الجِنسِ بلا خِلافٍ، لكنْ له أنْ يَشتريَ ذلك الجِنسَ في المِصرِ وغَيرِه وأنْ يُبضِعَ فيه وأنْ يَعملَ فيه جَميعَ ما يَعمَلُه المُضارِبُ في المُضاربةِ المُطلَقةِ لِما ذكَرنا أنَّ اللَّفظَ المُطلَقَ إذا قُيِّد ببَعضِ الأشياءِ يَبقى على إطلاقِه فيما وَراءَه.

وقال ابنُ سَماعةَ: سَمِعتُ مُحمدًا قال في رَجلٍ دفَع إلى رَجلٍ مالًا مُضاربةً فقال له: «إنِ اشتَريتَ به الحِنطةَ فلك مِنَ الرِّبحِ النِّصفُ ولي النِّصفُ، وإنِ اشتَريتَ به الدَّقيقَ فلكَ الثُّلثُ ولي الثُّلثانِ»، فقال: هذا جائِزٌ، وله أنْ يَشتريَ أيَّ ذلك شاءَ على ما سَمَّى له رَبُّ المالِ؛ لأنَّه خَيَّره بينَ عَملَيْن مُختلِفَيْن فيَجوزُ كما لو خُيِّر الخَيَّاطُ بينَ الخِياطةِ الرُّوميَّةِ والخياطةِ الفارسيةِ.

ولو دفَع إليه على أنَّه إنْ عَمِل في المِصرِ فله ثُلثُ الرِّبحِ، وإنْ سافَر فله النِّصفُ جازَ والرِّبحُ بينَهما على ما شرَطا، إنْ عمِل في المِصرِ فله الثُّلثُ، وإنْ سافَر فله النِّصفُ، ولو اشتَرى في المِصرِ وباعَ في السَّفرِ أو اشتَرى في السَّفرِ وباعَ في المِصرِ فقد رُويَ عن مُحمدٍ أنَّه قال: المُضاربةُ في هذا على الشِّراءِ؛ فإنِ اشتَرى في المِصرِ فما رَبِح في ذلك المَتاعِ فهو على ما شُرِط في المِصرِ، سَواءٌ باعَه في المِصرِ أو في غَيرِه؛ لأنَّ المُضاربَ إنَّما يَستحِقُّ الرِّبحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>