للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكَر القُدُوريُّ أنَّ هذا مَحمولٌ على أنَّه نَهاه بعدَ الشِّراءِ، وأنَّ الحُكمَ في التَّقييدِ الطارِئِ على مُطلَقِ العَقدِ وأنَّه إنْ كان ذلك قبلَ الشِّراءِ يُعمَلُ، وإنْ كان بعدَما اشتَرى به لا يُعمَلُ، إلى أنْ يَبيعَه بمالِ عَينٍ فيُعمَلُ التَّقييدُ عندَ ذلك حتى لا يَجوزَ أنْ يَشتريَ إلا ما قال.

ولو دفَع إليه مالًا مُضاربةً على أنْ يَبيعَ ويَشتريَ بالنَّقدِ فليس له أنْ يَشتريَ ويَبيعَ إلا بالنَّقدِ؛ لأنَّ هذا التَّقييدَ مُفيدٌ فيَتقيَّدُ بالمَذكورِ.

ولو قال له: «بِعْ بنَسيئةٍ ولا تَبِعْ بالنَّقدِ»، فباعَ بالنَّقدِ جازَ؛ لأنَّ النَّقدَ أنفَعُ مِنَ النَّسيئةِ، فلَم يَكُنِ التَّقييدُ بها مُفيدًا فلا يَثبُتُ القَيدُ، وصارَ كما لو قال لِلوَكيلِ: «بِعْ بعَشَرةٍ»، فباعَ بأكثَرَ منها جازَ، كذا هذا (١).

وقال الحَنابِلةُ: إذا اشتَرطَ رَبُّ المالِ على العامِلِ ألَّا يُسافِرَ بالمالِ أو أنْ يُسافِرَ به أو ألَّا يَتَّجِرَ إلا في بَلدٍ بعَينِه أو نَوعٍ بعَينِه، أو ألَّا يَشتريَ إلا مِنْ رَجلٍ بعَينِه، فهذا كلُّه صَحيحٌ، سَواءٌ كان هذا النَّوعُ مما يَعُمُّ وُجودُه أو لا يَعُمُّ، والرَّجلُ ممَّن يَكثُرُ عندَه المَتاعُ أو يَقِلُّ؛ لأنَّه عَقدٌ يَصحُّ تَخصيصُه بنَوعٍ، فصَحَّ تَخصيصُه في رَجُلٍ بعَينِه، وسِلعةٍ بعَينِها، كالوَكالةِ.

أمَّا إذا شرَط ألَّا يَبيعَ إلا برأسِ المالِ أو أقَلَّ أو قال: «لا تَبِعْ إلا مِنْ فُلانٍ، ولا تَشتَرِ إلا مِنْ فُلانٍ ولا تَبِعْ إلا ممَّن اشتَريتَ منه»، لَم يَصِحَّ ذلك،


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٩٩، ١٠٠)، و «الهداية شرح البداية» (٣/ ٢٠٤)، و «الاختيار» (٣/ ٢٤، ٢٥)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٤٨، ٤٤٩)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٩٠)، و «اللباب» (١/ ٥٤٢)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٥٩)، و «مجمع الضمانات» (٢/ ٦٥٢)، وابن عابدين (٤/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>