للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الأذرَعيُّ : وفيه نَظرٌ؛ لأنَّ الرِّبحَ لَم يَنشأْ عن تَصرُّفِ العامِلِ، وقد قال القاضي حُسَينٌ: لو قارَضه على أنْ يَشتريَ الحِنطةَ ويُخزِّنَها مُدةً؛ فإذا ارتفَع سِعرُها باعَها، لَم يَصحَّ؛ لأنَّ الرِّبحَ ليس حاصِلًا مِنْ جِهةِ التَّصرُّفِ.

قال الخَطيبُ الشِّربينيُّ: وفي البَحرِ نَحوُه، وهذا هو الظاهِرُ، بل لو قال: «علَى أنْ تَشتريَ الحِنطةَ وتَبيعَها في الحالِ»، فإنَّه لا يَصحُّ.

ويُشترطُ ألَّا يُضيِّقَ المالِكُ على العامِلِ في التَّصرُّفِ، وحينَئِذٍ لا يَجوزُ أنْ يَشرُطَ عليه شِراءَ مَتاعٍ مُعيَّنٍ كهذه الحِنطةِ أو هذا الثَّوبِ أو شِراءِ نَوعٍ يَندُرُ وُجودُه، أو شرَط مُعاملةَ شَخصٍ بعَينِه، ك: «لا تَبِعْ إلا لِزَيدٍ»، أو: «لا تَشتَرِ إلا مِنه»، لِإخلالِه بالمَقصودِ؛ لأنَّ المتاعَ المُعيَّنَ قد لا يَربَحُ، والنادِرُ قد لا يَجِدُه، والشَّخصُ المُعيَّنُ قد لا يُعامِلُه، وقد لا يَجِدُ عندَه ما يظُنُّ أنَّ فيه رِبحًا.

أمَّا النَّوعُ الذي لا يَندُرُ وُجودُه فإنَّه يَصحُّ، ولو كان يَنقطِعُ كالفَواكِهِ الرَّطبةِ؛ لانتِفاءِ الضِّيقِ، وكذا إنْ ندَر وكان بمَكانٍ يُوجَدُ فيه في الأغلَبِ، ولو نَهاه عن هذه الأُمورِ صَحَّ؛ لأنَّه يُمكِنُه شِراءُ غَيرِ هذه السِّلعِ، والشِّراءُ والبَيعُ مِنْ غَيرِ زَيدٍ (١).

وقال المالِكيَّةُ: وعلى العامِلِ ما جَرتِ العادةُ به، كالنَّشرِ والطَّيِّ لِلثِّيابِ


(١) «مغني المحتاج» (٣/ ٣٤٣، ٣٤٤)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٥٤، ٢٥٥)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٦٢، ٢٦٣)، و «الديباج» (٢/ ٤٢٨، ٤٢٩)، و «كفاية الأخيار» (٣٤١)، و «حاشية البيجوري على شرح ابن قاسم» (٢/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>