وأما ما لا يَلزَمُه كأُجرةِ كَيلٍ وحِفظٍ، فله الاستِئجارُ عليه مِنْ مالِ القِراضِ؛ لأنَّه مِنْ تَتمَّةِ التِّجارةِ ومَصالِحِها، ولو فعَله بنَفْسِه لَم يَستحِقَّ أُجرةً.
وما يَلزَمُه فِعلُه لو اكتَرى عليه مِنْ فِعلِه فالأُجرةُ في مالِه، لا في مالِ القِراضِ، فلو شرَط على المالِك الاستِئجارَ عليه مِنْ مالِ القِراضِ ففيه وَجهانِ، والظاهِرُ منهما عَدمُ الصِّحَّةِ.
وخرَج بالتِّجارةِ استِخراجُ العاملِ الرِّبحَ باحتِرافٍ، فلو قارَضه لِيَشتريَ حِنطةً فيَطحنَ ويَخبِزَ، أو غَزلًا يَنسِجُه ويَبيعُه فسَد القِراضُ في الصُّورتَيْن؛ لأنَّ القِراضَ شُرِع رُخصةً لِلحاجةِ، وهذه الأعمالُ مَضبوطةٌ يُمكِنُ الاستِئجارُ عليها، فلَم تَشمَلْها الرُّخصةُ، والعامِلُ فيها ليس مُتَّجِرًا، بل مُحتَرِفٌ، فليست مِنْ وَظيفةِ العاملِ.
فلو اشتَرى الحِنطةَ وطَحَنها مِنْ غَيرِ شَرطٍ لَم يَنفسِخِ القِراضُ فيها في الأصَحِّ، ثم إنْ طحَن بغَيرِ الإذنِ فلا أُجرةَ له، ولو استأجَرَ عليه لَزِمتْه الأُجرةُ ويَصيرُ ضامِنًا، وعليه غُرمُ ما نقَص بالطَّحنِ؛ فإنْ باعَه لَم يَكُنِ الثَّمنُ مَضمونًا عليه؛ لأنَّه لَم يَتعدَّ فيه، وإنْ رَبِح فالرِّبحُ بينَهما كما شرَطا.
ولو شرَط أنْ يَستأجِرَ العامِلُ مَنْ يَفعلُ ذلك مِنْ مالِ القِراضِ وحَظُّ العامِلِ التَّصرُّفُ فَقطْ قال في المَطلَبِ يَظهَرُ الجَوازُ.