للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أمِيرِ الْمؤْمِنِينَ، ويَكُونُ الرِّبْحُ لكُمَا، فقَالا: وَدِدْنَا ذلك، ففَعَلَ، وكَتَبَ إلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ أنْ يَأْخُذَ مِنْهمَا المَالَ، فلَمَّا قَدِمَا باعَا فَأُرْبِحَا، فلَمَّا دفَعَا ذلك إلى عُمَرَ قال: أَكُلَّ الجَيْشِ أَسلَفَهُ مِثْلَما أسلَفَكما؟ قالا: لَا، فقال عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: ابنَا أَميرِ الْمؤْمِنِينَ فَأَسْلَفَكمَا، أَدِّيَا المَالَ وَرِبْحَهُ، فأَمَّا عَبدُ اللهِ فسَكَتَ، وأمَّا عُبَيدُ اللهِ فقالَ: ما يَنبَغي لكَ يا أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ هذا، لو نَقَصَ هذا المَالُ أو هلَكَ لَضَمِنَّاهُ، فقال عُمَرُ: أَدِّيَاهُ، فسَكَتَ عَبدُ اللهِ ورَاجَعَهُ عُبَيدُ اللهِ، فقالَ رَجلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عُمَرَ: يا أَميرَ الْمؤْمِنِينَ، لو جَعَلتَهُ قِرَاضًا، فقالَ عُمَرُ: قد جَعَلْتُهُ قِرَاضًا، فأَخَذَ عُمَرُ رَأسَ المَالِ وَنصَّفَ رِبْحَهُ، وأَخَذَ عَبدُ اللهِ وَعُبَيْدُ اللهِ ابنَا عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ نِصْفَ رِبْحِ المَالِ» (١).

ووَجهُ الحُجَّةِ منه، قَولُ الرَّجلِ لِعُمرَ : لَو جَعَلتَه قِراضًا. ولَم يُنكِرْ عليه عُمَرُ ولا غَيرُه القِراضَ (٢).

قال الجُوَينيُّ : وقال قائِلونَ: مُستنَدُ الإجماعِ في القِراضِ حَديثُ عَبدِ اللهِ وعُبيدِ اللهِ ابنَيْ عُمَرَ … وتَعلَّق العُلماءُ بقَولِ عَبدِ الرَّحمنِ: لو جَعلتَه قِراضًا؟ وقالوا: التَّقريرُ على ذلك، والعَملُ بحُكمِه يَدلُّ على أنَّ القِراضَ كان مَعلومًا فيهم.

وليس في هذا كَثيرُ تَعلُّقٍ عِندَنا، ولا يَجوزُ أنْ يَكونَ لِلإجماعِ مُستَندٌ يَحتاجُ


(١) رواه مالك في «الموطأ» (٢/ ٦٨٧) رقم (١٣٧٢)، والشافِعي في «الأم» (٤/ ٣٣، ٣٤)، وقال الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (٣/ ٥٧): إسناده صحيح.
(٢) «البيان» (٧/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>