للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنَّه يَصحُّ أنْ يَستنيبَ في تَحصيلِها بأُجرةٍ، فكذلك يَصحُّ بغَيرِ عِوضٍ إذا تَبرَّعَ أحَدُهما بذلك، كالتَّوكيلِ في بَيعِ مالِه.

ولأنَّها شَركةُ بَدنٍ في تَكسُّبٍ مُباحٍ يَكسِبُه، فجازَت الشَّركةُ فيه كالخياطةِ، ولأنَّ الحاجةَ في التَّعاونِ إلى ذلك كالحاجةِ إليه في سائِرِ الصِّناعاتِ (١).

وذهَب الحَنفيَّةُ: إلى أنَّه لا تَجوزُ الشَّركةُ في الاحتِطابِ والاصطيادِ وسُؤالِ الناسِ، وما اصطادَه كلُّ واحِدٍ منهما أو احتَطَبه فهو له دونَ صاحبِه، وعلى هذا الاشتِراكِ في كلِّ مُباحٍ كأخْذِ الحَطبِ والثِّمارِ مِنَ الجِبالِ، كالجَوزِ والتِّينِ والفُستُقِ وغَيرِها، وكذا في نَقلِ الطِّينِ وبَيعِه مِنْ أرضٍ مُباحةٍ أو الحَصى أو المِلحِ أو الثَّلجِ أو الكُحلِ أو المَعدِنِ أو الكُنوزِ الجاهِليَّةِ؛ لأنَّ الشَّركةَ مُتضمِّنةٌ مَعنى الوَكالةِ، والتَّوكيلُ في أخذِ المالِ المُباحِ باطِلٌ، فكلُّ ما تَجوزُ فيه الوَكالةُ تَجوزُ فيه الشَّركةُ، وما لا تَجوزُ فيه الوَكالةُ لا تَجوزُ فيه الشَّركةُ؛ لأنَّ أمرَ المُوكِّلِ به غَيرُ صَحيحٍ، والوَكيلُ يَملِكُه بدونِ أمْرِه، فلا يَصلُحُ نائِبًا عنه؛ وإنَّما يَثبُتُ المِلكُ لهما بالأخْذِ وإحرازِ المُباحِ؛ فإنْ أخذاه معًا فهو بينَهما نِصفانِ لِاستِوائِهما في سَببِ الاستِحقاقِ، وإنْ أخذَه أحَدُهما ولَم يَعمَلِ الآخَرُ شَيئًا فهو لِلعامِلِ، وإنْ عَمِلَ أحَدُهما وأعانَه الآخَرُ في عَملِه بأنْ قَلعَه أحَدُهما وجَمعَه الآخَرُ أو قلَعه وجمَعه وحمَله الآخَرُ فلِلمُعينِ أجرُ المِثلِ بإلغاءِ ما بلَغ


(١) «الإشراف» (٣/ ٧٠)، «مسألة» (٩٢٨)، و «المعونة» (٢/ ١٤٣)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٥٨)، و «المغني» (٥/ ٤، ٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦١٩)، و «الروض المربع» (٢/ ٧٨)، و «شرح منهى الإرادات» (٣/ ٥٩١، ٥٩٢)، و «الإفصاح» (١/ ٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>