للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الضَّمانُ عليهما، ويَكونُ العامِلُ عَونًا لِصاحبِه في حِصَّتِه، ولا يَمنعُ ذلك استِحقاقَه، كمَنِ استأجَر رَجلًا لِيُقصِّرَ له ثَوبًا فاستَعانَ القَصَّارُ بإنسانٍ فقَصَّر معه، كانت الأُجرةُ لِلقَصَّارِ المُستأجِرِ، كذا ههنا، وسَواءٌ ترَك العَملَ لِمَرضٍ أو غَيرِه؛ فإنْ طالَب أحَدُهما الآخَرَ أنْ يَعملَ معه أو يُقيمَ مَقامَه مَنْ يَعمَلُ فله ذلك؛ فإنِ امتَنعَ فلِلآخَرِ الفَسخُ.

قال ابنُ قُدامةَ : ويَحتمِلُ أنَّه مَتى ترَك العَملَ مِنْ غَيرِ عُذرٍ لا يُشارِكُ صاحبَه في أُجرةِ ما عمِله دونَه؛ لأنَّه إنَّما شارَكه لِيَعمَلا جَميعًا؛ فإذا ترَك أحَدُهما العَملَ فما وَفَّى بما شرَط على نَفْسِه، فلَم يَستحِقَّ ما جُعِلَ له في مُقابَلتِه، وإنَّما احتمَل ذلك فيما إذا ترَك أحَدُهما العَملَ لِعُذرٍ؛ لأنَّه لا يُمكِنُ التَّحرُّزُ منه (١).

وقال المالِكيَّةُ: إذا مَرِض أحَدُ شَريكَيِ العَملِ يَومًا أو يَومَيْن أو غابَ مِثلَ ذلك وعَمِل شَريكُه؛ فإنَّ المَرضَ يُلغَى، أو الغَيبةُ، ويَكونُ ما عَمِله الحاضِرُ الصَّحيحُ بينَهما.

بمَعنى أنَّه يَرجعُ عليه بأُجرةِ مِثلِه، وتَكونُ الأُجرةُ الأصليةُ بينَهما، والضَّمانُ منهما، مِثالُه لو عاقَدَا شَخصًا على خياطةِ ثَوبٍ مَثلًا بعَشرةِ دَراهمَ وغابَ أحَدُهما أو مَرِض كَثيرًا فخاطَه الآخَرُ؛ فإنَّ الدَّراهمَ العَشرةَ بينَهما، ويُقالُ: «ما أُجرةُ مِثلِه في خياطَتِه لِهذا الثَّوبِ؟»، فإذا قيلَ: أربَعةُ دَراهمَ مَثلًا، رجَع على صاحبِه بدِرهَمَيْن.


(١) «المغني» (٥/ ٦)، و «المبدع» (٥/ ٤٠)، و «منار السبيل» (٢/ ١٩٤)، و «مطالب أولى النهى» (٣/ ٥٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>