للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجهُ القياسِ: أنَّها تَضمَّنت الوَكالةَ بمَجهولِ الجِنسِ، والكَفالةَ بمَجهولٍ، وكلُّ ذلك بانفِرادِه فاسِدٌ.

وَجهُ الاستِحسانِ: أنَّ الناسَ كانوا يُعامِلونها مِنْ غَيرِ نَكيرٍ، وبه يُتركُ القياسُ؛ لأنَّ التَّعامُلَ كالإجماعِ، والجَهالةُ مُحتمَلةٌ تَبعًا كما في المُضاربةِ، ولا تَنعقِدُ إلا بلَفظةِ المُفاوضةِ لِبُعدِ شَرائِطِها مِنْ عِلمِ العَوامِّ حتى لو بَيَّنَّا جَميعَ ما تَقتضيه تَجوزُ؛ لأنَّ المُعتبَرَ هو المَعنى (١).

وقال المالِكيَّةُ: شَركةُ المُفاوضةِ جائِزةٌ؛ لأنَّ تَقديرَ الشَّركةِ أنَّهما أخرَجا المالَيْن، ثم وَكَّل كلُّ واحِدٍ منهما الآخَرَ في التَّصرُّفِ فيه على الإطلاقِ، وذلك جائِزٌ، ولأنَّ شَركةَ المُفاوضةِ تَتضمَّنُ الوَكالةَ والكَفالةَ، وتَعلُّقُ الوَكالةِ بها كتَعلُّقِها بالعِنانِ، لكنْ تَزيدُ المُفاوضةُ بالكَفالةِ فيما يَثبُتُ لِأحدِهما قبلَ صاحبِه مِنَ الحُقوقِ، والضَّمانُ يَصحُّ في الذِّمَّةِ لِمَجهولٍ، كمَنِ استَهلَك شَيئًا لمَن لا يَعرِفُه.

ولا يُشترطُ فيها تَساوي رُؤوسِ الأموالِ، ويَجوزُ أنْ يَنفردَ أحَدُهما بمالٍ لا يُدخِلُه في الشَّركةِ؛ وإنْ تَفاضلَ رُؤوسُ الأموالِ، خِلافًا لِأبي حَنيفةَ في مَنعِه كلَّ ذلك؛ لأنَّ كلَّ شَركةٍ جازَتْ مع تَساوي رُؤوسِ الأموالِ جازَتْ مع اختِلافِهما، كالعِنانِ، ولأنَّها شَركةٌ بمالٍ في مَكسَبٍ مُباحٍ، فوجَب أنْ يَستويَ في الجَوازِ استِواءُ المالَيْن واختِلافُهما كالعِنانِ، ولأنَّ عَقدَ الشَّركةِ


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٥٨)، و «الاختيار» (٣/ ١٤، ١٥)، و «الهداية» (٣/ ٤)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٢١)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٧٩)، و «مجمع الأنهر» (٢/ ٥٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>