قال الكاسانيُّ ﵀: وهل يُشترطُ أنْ يَكونَ مالُ الشَّركةِ عَينًا وَقتَ الشَّركةِ لِصِحَّةِ الفَسخِ، وهي أنْ يَكونَ دَراهمَ أو دَنانيرَ؟ ذكَر الطَّحاويُّ أنَّه شَرطٌ حتى لو كان مالُ الشَّركةِ عُروضًا وَقتَ الفَسخِ، لا يَصحُّ الفَسخُ، ولا تَنفسِخُ الشَّركةُ، ولا رِوايةَ عن أصحابِنا في الشَّركةِ، وفي المُضاربةِ رِوايةٌ، وهي أنَّ رَبَّ المالِ إذا نَهى المُضارِبِ عن التَّصرُّفِ؛ فإنَّه يُنظَرُ إنْ كان مالُ المُضاربةِ وَقتَ النَّهيِ دَراهمَ أو دَنانيرَ صَحَّ النَّهيُ، لكنْ له أنْ يَصرِفَ الدَّراهمَ إلى الدَّنانيرِ، والدَّنانيرَ إلى الدَّراهمِ؛ لأنَّهما في الثَّمنيَّةِ جِنسٌ واحِدٌ فكأنَّه لَم يَشتَرِ بها شَيئًا، وليس له أنْ يَشتريَ بها عُروضًا.
وإنْ كان رأسُ المالِ وَقتَ النَّهيِ عُروضًا فلا يَصحُّ نَهيُه؛ لأنَّه يَحتاجُ إلى بَيعِها لِيَظهرَ الرِّبحُ، فكان الفَسخُ إبطالًا لِحَقِّه في التَّصرُّفِ، فجعَل الطَّحاويُّ الشَّركةَ بمَنزِلةِ المُضارَبةِ، وبَعضُ مَشايخِنا فَرَّقَ بينَ الشَّركةِ والمُضارَبةِ.
فقال: يَجوزُ فَسخُ الشَّركةِ، وإنْ كان رأسُ المالِ عُروضًا، ولا يَجوزُ فَسخُ المُضاربةِ؛ لأنَّ مالَ الشَّركةِ في يَدِ الشَّريكَيْن جَميعًا، ولهما جَميعًا وِلايةُ التَّصرُّفِ، فيَملِكُ كلُّ واحِدٍ منهما نَهيَ صاحبِه عَينًا كان المالُ أو عُروضًا.