للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا مالُ المُضاربةِ ففي يَدِ المُضارِبِ، ووِلايةُ التَّصرُّفِ له، لا لِرَبِّ المالِ، فلا يَملِكُ رَبُّ المالِ نَهيَه بعدَما صارَ المالُ عُروضًا (١).

وقال الشافِعيَّةُ: لكلِّ واحِدٍ مِنَ الشَّريكَيْن فَسخُ الشَّركةِ متى شاءَ؛ كالوَكالةِ، ويَنعزِلانِ عن التَّصرُّفِ جَميعًا بفَسخِ كلٍّ منهما؛ لأنَّ العَقدَ قد زالَ، ولكلِّ واحِدٍ منهما أنْ يَتصرَّفَ في نَصيبِ نَفْسِه.

فإنْ لَم يَفسَخا ولا أحَدُهما، لكنْ قال أحَدُهما لِلآخَرِ: «عَزلتُك عن التَّصرُّفِ»، أو: «لا تَتصرَّفْ في نَصيبي»، انعَزل المُخاطَبُ ولا يَنعزِلُ العازِلُ عن التَّصرُّفِ في نَصيبِ المَعزولِ فيَتصرَّفُ في نَصيبِ المَعزولِ، لأنَّ العازِلَ لَم يَمنَعْه أحَدٌ، بخِلافِ المُخاطَبِ؛ فإنْ أرادَ المُخاطَبُ عَزلَه فليَعزِلْه.

وصُورتُه في المَعزولِ: أنْ يُميِّزَ حِصَّةً مِنَ المالِ المَخلوطِ لِلشَّريكِ، ثم يَعزِلَ أحَدُهما الآخَرَ فيَتصرَّفَ العازِلُ في الجَميعِ دونَ المَعزولِ (٢).

وقال الحَنابِلةُ: تَبطُلُ الشَّركةُ بالفَسخِ مِنْ أحَدِهما وسائِرِ ما يُبطِلُ الوَكالةَ، فلَو قال أحَدُهما: فُسِخت الشَّركةُ انعَزلا جَميعًا فلا يَتصرَّفُ كلٌّ منهما إلا في قَدْر نَصيبِه مِنَ المالِ؛ لأنَّ فَسخَ الشَّركةِ يَقتَضي عَزلَ نَفْسِه مِنَ التَّصرُّفِ في مالِ صاحبِه، وعَزلَ صاحبِه مِنَ التَّصرُّفِ في مالِ نَفْسِه، وسَواءٌ كان المالُ نَقدًا أو عَرضًا؛ لأنَّ الشَّركةَ وَكالةٌ، والرِّبحَ يَدخُلُ ضِمنًا، ولأنَّ حَقَّ المُضارِبِ أصليٌّ.


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٧٧).
(٢) «نهاية المطلب» (٧/ ٢٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٨١)، و «البيان» (٦/ ٣٨٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٨٨، ١٨٩)، و «نهاية المحتاج مع حاشية الشبرملسي» (٥/ ١١، ١٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>