للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انعَقدتْ لَزِمت وصارَت مِنَ العُقودِ اللَّازمةِ التي تَلزَمُ بمُجرَّدِ العَقدِ؛ كالبَيعِ، أي: بما يَدلُّ عليها عُرفًا، سَواءٌ كان قَولًا، ك: «اشتَرَكْنا»، أو فِعلًا كخَلطِ المالَيْن أو هُما معًا، ولا رُجوعَ لِأحدِهما فيها كالبَيعِ، فلو أراد أحَدُهما المُفاصَلةَ قبلَ الخَلطِ وامتنَع الآخَرُ فالقَولُ لِلمُمتنِعِ حتى يَنِضَّ المالُ بعدَ العَملِ.

وأمَّا شَركةُ الأعمالِ أو الأبدانِ أو الحَرثِ -الآتي ذِكرُها- ففيها قَولانِ، أحَدُهما أنَّها كشَركةِ الأموالِ، تَلزمُ بالعَقدِ، وهو قَولُ سَحنونٍ، والثاني: أنَّها لا تَلزمُ إلا بالعَملِ، وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ (١).

وذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ، الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ ومُقابِلُ المَشهورِ عندَ المالِكيَّةِ إلى أنَّ الشَّركةَ مِنَ العُقودِ الجائِزةِ التي يَجوزُ لِأحدِ الشَّريكَيْن أنْ يَفسخَها كالوَكالةِ؛ لأنَّها عَقدٌ جائِزٌ، فبَطلَت بذلك، كالوَكالةِ، إلا أنَّهم اختلَفوا فيما بينَهم هل يُشترطُ أن يَعلمَ الشَّريكُ الآخَرُ بالفَسخِ أو لا؟ وهل يُشترطُ أنْ يَكونَ المالُ ناضًّا أو لا؟

قال الحَنفيَّةُ: الشَّركةُ عَقدٌ جائِزٌ غَيرُ لَازمٍ، حتى يَنفرِدَ كلُّ واحِدٍ منهما بالفَسخِ، إلا أنَّ مِنْ شَرطِ جَوازِ الفَسخِ أنْ يَكونَ بحَضرةِ صاحبِه، أي: بعِلمِه، حتى لو فسَخ بمَحضَرٍ مِنْ صاحِبِه جازَ الفَسخُ، وكذا لو كان صاحبُه غائبًا وعلِمَ بالفَسخِ، وإنْ كان غائِبًا ولَم يَبلُغْه الفَسخُ لَم يَجُزِ الفَسخُ، ولَم


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٣٩)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٥٨، ٦٠)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>