وَجهُ الاستِحسانِ: العُرفُ والعادةُ؛ لأنَّ عادةَ التُّجارِ الإنفاقُ مِنْ مالِ الشَّركةِ، والمَعروفُ كالمَشروطِ، ولأنَّ الظاهِرَ هو التَّراضي بذلك؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّ الإنسانَ لا يُسافِرُ بمالِ الشَّركةِ ويَلتزِمُ النَّفقةَ مِنْ مالِ نَفْسِه لِرِبحٍ يُحتمَلُ أنْ يَكونَ ويُحتمَلُ ألَّا يَكونَ؛ لأنَّه التِزامُ ضَررٍ لِلحالِ لِنَفعٍ يُحتمَلُ أنْ يَكونَ ويُحتمَلُ ألَّا يَكونَ، فكان إقدامُهما على عَقدِ الشَّركةِ دَليلًا على التَّراضي بالنَّفقةِ مِنْ مالِ الشَّركةِ، ولأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما في مالِ صاحبِه كالمُضارِبِ، لأنَّ ما يَحصُلُ مِنَ الرِّبحِ فهو فَرعُ جَميعِ المالِ، وهو يَستحِقُّ نِصفَ الرِّبحِ شائِعًا كالمُضارِبِ، فتَكونُ النَّفقةُ مِنْ جَميعِ المالِ؛ كالمُضارِبِ إذا سافَرَ بمالِ نَفْسِه وبمالِ المُضارَبةِ كانت نَفَقتُه في جَميعِ ذلك، كذا هذا.
وذهَب المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ وأبو يُوسُفَ وأبو حَنيفةَ في رِوايةٍ عنه وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا يَجوزُ لِأحدِ الشَّريكَيْن أنْ يُسافِرَ بمالِ الشَّركةِ بدونِ إذنِ شَريكِه؛ فإنْ سافَرَ ضمِن ما تَلِف أو ضاعَ مِنْ مالِ الشَّركةِ؛ لأنَّ السَّفرَ له خَطرٌ، فلا يَجوزُ في مِلكِ الغَيرِ إلا بإذنِه.
وعن أبي يُوسُفَ في رِوايةٍ: فَرقٌ بينَ السَّفرِ القَريبِ والسَّفرِ البَعيدِ، فقال: إذا كان لا يَغيبُ لَيلًا عن مَنزلِه، كان بمَنزلةِ المِصْرِ.
وعنه في رِوايةٍ: يَجوزُ المُسافَرةُ بما لا حَملَ له ولا مُؤنةَ، ولا يَجوزُ بما له حَملٌ ومُؤنةٌ؛ لأنَّ ما لَه حَملٌ إذا احتاجَ شَريكُه إلى رَدِّه يَلزمُه مُؤنةُ الرَّدِّ فيَتضرَّرُ به، ولا مُؤنةَ تَلزمُه فيما لا حَملَ له.
وقال الشافِعيَّةُ: وإنْ عقَد الشَّركةَ بمَفازةٍ لَم يَضمنْ بالسَّفرِ إلى مَقصِدِه،