لأنَّ القَرينةَ قاضيةٌ له بذلك، ومِثلُ ذلك ما لو أُجليَ أهلُ بَلدٍ لِقَحطٍ أو عَدُوٍّ ولَم تُمكِنْه مُراجَعةُ الشَّريكِ فله السَّفرُ بالمالِ، بل يَجِبُ عليه.
وكذا مَنْ جرَت عادَتُهم بالذَّهابِ إلى أسواقٍ مُتعدِّدةٍ ببِلادٍ مُختلِفةٍ؛ كبَعضِ بائِعي الأقمِشةِ، فيَجوزُ له السَّفرُ بالمالِ على العادةِ، ولو في البَحرِ، حيث غَلبَت السَّلامةُ، ويَنبَغي الاكتِفاءُ بالإذنِ له في السَّفرِ على وَجهِ التَّعميمِ، أو يُطلقُ الإذنُ فيُحمَلُ على العُمومِ.
وأمَّا الحَنابِلةُ فقالوا في الصَّحيحِ مِنَ المَذهبِ: لِلشَّريكِ السَّفرُ مع أمْنِ البَلدِ والطَّريقِ؛ كوَليِّ اليَتيمِ؛ لِانصِرافِ الإذنِ المُطلَقِ إلى ما جَرتْ به العادةُ، وعادةُ التُّجارِ جاريةٌ بالتِّجارةِ سَفرًا وحَضرًا، فلو سافَر والأغلَبُ العَطَبُ ضمِن؛ لِتَفريطِه، وكذا لو سافَر فيما ليس الأغلَبُ السَّلامةُ فيه، وكذا حُكمُ المُضاربةِ، ولو استَوى الأمرانِ؛ لِتَفريطِه، ومِثلُه وَليُّ اليَتيمِ ومُضارِبٌ، وإنْ لَم يَعلَما -أي: الشَّريكُ ووَليُّ اليَتيمِ، ومِثلُه المُضارِبُ- بخَوفِه، أي: البَلدِ أو الطَّريقِ، أو لَم يَعلَما بفَلَسِ مُشتَرٍ لَم يَضمَنا ما فاتَ بذلك؛ لِأنَّهما لا يُعدَّانِ مُفرِّطَيْن.
وإنْ عَلِم الشَّريكُ أو وَليُّ يَتيمٍ عُقوبةَ سُلطانٍ ببَلدٍ يَأخُذُ مالًا فسافَرَ إليه فأخذَه، ضمِن المالَ لِتَعريضِه المالَ لِلأخْذِ (١).
(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٧١، ٧٢)، «مجمع الضمانات» (٢/ ٦٤٢)، و «درر الحكام» (٣/ ٤٢٤، ٤٣٠)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١٢١)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٨١)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٨٨)، و «نهاية المحتاج مع حاشية الشبرملسي» (٥/ ١١)، و «النجم الوهاج» (٥/ ١٥)، و «الديباج» (٢/ ٢٩٩)، و «حواشي الشرواني» (٥/ ٢٩٠)، و «الفروع» (٤/ ٢٩٠)، و «المبدع» (٥/ ١١)، و «الإنصاف» (٥/ ٤١٨، ٤١٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٧، ٥٨٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٥٣، ٥٥٤).