للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الكاسانيُّ : وأمَّا شَركةُ العِنانِ فلا يراعَى لها شَرائِطُ المُفاوَضةِ، فلا يُشترطُ فيها أهليَّةُ الكَفالةِ وغيرها، لأنَّ اعتِبارَ هذه الشَّرائِطِ في المُفاوضاتِ لِدِلالةِ اللَّفظِ عليها، وهو مَعنى المُساواةِ، ولَم يُوجَدْ في العِنانِ ولا المُساواةِ في الرِّبحِ، فيَجوزُ مُتَفاضِلًا ومُتساوِيًا لِما قُلنا.

والأصلُ: أنَّ الرِّبحَ إنَّما يُستحَقُّ عندَنا إمَّا بالمالِ وإمَّا بالعَملِ وإمَّا بالضَّمانِ، أمَّا ثُبوتُ الاستِحقاقِ بالمالِ فظاهِرٌ؛ لأنَّ الرِّبحَ نَماءُ رأسِ المالِ، فيَكونُ لِمالِكِه، ولِهذا استَحقَّ رَبُّ المالِ الرِّبحَ في المُضارَبةِ، وأمَّا بالعَملِ فإنَّ المُضارِبَ يَستحِقُّ الرِّبحَ بعَملِه، فكذا الشَّريكُ، وأمَّا بالضَّمانِ فإنَّ المالَ إذا صارَ مَضمونًا على المُضارِبِ يُستحَقُّ جَميعَ الرِّبحِ، ويَكونُ ذلك بمُقابَلةِ الضَّمانِ خَراجًا بضَمانٍ، بقَولِ النَّبيِّ : «الخَراجُ بالضَّمانِ»؛ فإذا كان ضَمانُه عليه كان خَراجُه له.

والدَّليلُ عليه: أنَّ صانِعًا تَقبَّل عَملًا بأْجْرٍ ثم لَم يَعملْ بنَفْسِه، ولكنْ قَبِله لِغَيرِه بأقَلَّ مِنْ ذلك، طابَ له الفَضلُ، ولا سَببَ لِاستِحقاقِ الفَضلِ إلا الضَّمانُ، فثبَت أنَّ كلَّ واحِدٍ منهما سَببٌ صالِحٌ لِاستِحقاقِ الرِّبحِ؛ فإنْ لَم يُوجَدْ شَيءٌ مِنْ ذلك لا يُستحَقُّ، بدَليلِ أنَّ مَنْ قال لِغَيرِه: «تَصرَّفْ في مِلكِك

<<  <  ج: ص:  >  >>