للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَكونُ على الذي كان رأسُ مالِه ألفَيْن ثُلثا هذا الدَّينِ، لأنَّ الشَّركةَ إنَّما وَقعَت بينَهما بالمالِ، ليس بالأبدانِ، فما لَحِقهما مِنْ دَينٍ فُضَّ على المالِ الذي به وَقعَت الشَّركةُ بينَهما، وهو رأسُ أموالِهما، فيَكونُ على الذي رأسُ مالِه ألفٌ مِنَ الدَّينِ الذي لَحِق الثُّلثُ، وعلى الذي رأسُ مالِه ألفانِ الثُّلثانِ، ولا يُلتفَتُ إلى الشَّرطِ الذي شرَطاه بينَهما، لأنَّ الشَّرطَ كان فاسِدًا، وقال: وهذا الآخَرُ لَم أسمَعْه مِنْ مالِكٍ، ولكنَّه رأيي مِثلَما قال لي مالِكٌ مِنَ الوَضيعةِ في رأسِ المالِ (١).

وذهَب الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يَجوزُ أنْ يَتفاضَلا في الرِّبحِ مع تَساوي المالَيْن، أو أنْ يَتساوَيا في الرِّبحِ مع تَفاضُلِ المالَيْن؛ لأنَّ العَملَ مما يُستحَقُّ به الرِّبحُ، فجازَ أنْ يَتفاضَلا في الرِّبحِ مع وُجودِ العَملِ منهما كالمُضارِبَيْن لِرَجلٍ واحِدٍ، وذلك لأنَّ أحَدَهما قد يَكونُ أبصَرَ بالتِّجارةِ مِنَ الآخَرِ وأقوى على العَملِ ولا يَرضى بالمُساواةِ، فمَسَّت الحاجةُ إلى التَّفاضُلِ، فجازَ له أنْ يَشترطَ زِيادةً في الرِّبحِ في مُقابَلةِ عَملِه، كما يُشترَطُ الرِّبحُ في مُقابَلةِ عَملِ المُضاربِ يُحقِّقُه أنَّ هذه الشَّركةَ مَعقودةٌ على المالِ والعَملِ جَميعًا، ولكلِّ واحِدٍ منهما حِصَّةٌ مِنَ الرِّبحِ إذا كان مُنفرِدًا، فذلك إذا اجتَمَعا.

وأمَّا الوَضيعةُ فلا تَكونُ إلا على قَدْرِ المالَيْن كما تَقدَّم باتِّفاقِ المَذاهبِ الأربَعةِ؛ لأنَّها لا تَتعلَّق إلا بالمالِ بدَليلِ المُضارَبةِ؛ ولأنَّه أمينٌ، واشتِراطُ الضَّمانِ على الأمينِ لا يَصحُّ (٢).


(١) «المدونة الكبرى» (٥/ ٦٤).
(٢) «بدائع الصانع» (٦/ ٦٣)، و «الاختيار» (٣/ ١٨)، و «الهداية» (٣/ ٨)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٢٩)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٣١٨)، و «اللباب» (١/ ٥٣٠)، و «العناية» (٨/ ٢٧٥، ٢٧٦)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٨١)، و «المغني» (٥/ ١٩)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٤٦)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٤٨)، و «الإفصاح» (١/ ٤٤٥)، و «منار السبيل» (٢/ ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>