على أنَّ لي بَعضَ رِبحِه»، لَم يَجُزْ، ولا يَستحِقُّ شَيئًا مِنَ الرِّبحِ؛ لأنَّه لا مالَ ولا عَملَ ولا ضَمانَ.
إذا عُرِف هذا نَقولُ: إذا شرَطا الرِّبحَ على قَدْرِ المالَيْن مُتَساويًا أو مُتفاضِلًا، فلا شَكَّ أنَّه يَجوزُ ويَكونُ الرِّبحُ بينَهما على الشَّرطِ سَواءٌ شرَطا العَملَ عليهما أو على أحَدِهما، والوَضيعةُ على قَدْرِ المالَيْن مُتساويًا ومُتفاضِلًا؛ لأنَّ الوَضيعةَ اسمٌ لِجُزءٍ هالِكٍ مِنَ المالِ، فيَتقدَّرُ بقَدْرِ المالِ.
وإنْ كان المالانِ مُتساويَيْن فشرَطا لِأحَدِهما فَضلًا على رِبحٍ يُنْظَرُ:
إنْ شرَطا العَملَ عليهما جَميعًا جازَ، والرِّبحُ بينَهما على الشَّرطِ في قَولِ أصحابِنا الثلاثةِ، وعندَ زُفَرَ لا يَجوزُ أنْ يُشترطَ لِأحدِهما أكثَرُ مِنْ رِبحِ مالِه، وبه أخذَ الشافِعيُّ ﵀، ولا خِلافَ في شَركةِ المِلكِ أنَّ الزِّيادةَ فيها تَكونُ على قَدْرِ المالِ، حتى لو شرَط الشَّريكانِ في مِلكِ ماشيةٍ لِأحدِهما فَضلًا مِنْ أولادِها وألبانِها لَم تَجُزْ بالإجماعِ، والكَلامُ بينَنا وبينَ زُفَرَ بِناءً على أصلٍ، وهو أنَّ الرِّبحَ عندَه لا يُستحَقُّ إلا بالمالِ؛ لأنَّه نَماءُ المِلكِ، فيَكونُ على قَدْرِ المالِ، كالأولادِ والألبانِ.
وأمَّا عندَنا فالرِّبحُ تارةً يُستحَقُّ بالمالِ، وتارةً بالعَملِ، وتارةً بالضَّمانِ على ما بَيَّنَّا، وسَواءٌ عمِلا جَميعًا أو عمِل أحدُهما دونَ الآخَرِ؛ فالرِّبحُ بينَهما يَكونُ على الشَّرطِ، لأنَّ استِحقاقَ الرِّبحِ في الشَّركةِ بالأعمالِ بشَرطِ العَملِ، لا بوُجودِ العَملِ، بدَليلِ أنَّ المُضارِبَ إذا استَعانَ برَبِّ المالِ استَحقَّ الرِّبحَ، وإنْ لَم يُوجَدْ منه العَملُ؛ لِوُجودِ شَرطِ العَملِ عليه، والوَضيعةُ على قَدْرِ المالَيْن؛ لِما قُلنا.