وإنَّما يَجِبُ التَّساوي في العَملِ على قَدْرِ رُؤوسِ الأموالِ، كالرِّبحِ؛ لِما ذكَرناه في الرِّبحِ، ولأنَّ اشتِراطَ الزِّيادةِ استِئجارٌ مِنْ مُشترِطِها لِلآخَرِ بفَضلِ رِبحِ مالِه، وذلك غَررٌ، ولأنَّ كلَّ واحِدٍ ترَك العَملَ يَستحِقُّ عليه بحَقِّ الشَّركةِ بما بذَله مِنْ فَضلِ رِبحِ مالِه، كما لو شرَط العَملَ على صاحِبِ الألفَيْن، ويَكونُ الرِّبحُ بينَهما نِصفَيْن، أو شرَط أكثَرَ الرِّبحِ لِلذي لا يَعملُ، وأقَلَّه لِلذي يَعملُ.
ولِأحَدِ الشَّريكَيْن التَّبرُّعُ لِصاحِبِه بشَيءٍ مِنَ الرِّبحِ أو العَملِ بعدَ العَقدِ على الصِّحةِ -أمَّا في أثناءِ العَقدِ أو فيه فلا يَجوزُ؛ لأنَّ ذلك سلفٌ جَرَّ نَفعًا-؛ فإذا عقَدا على أنَّ لِصاحِبِ ثُلثِ المالِ الثُّلثَ مِنَ الرِّبحِ، وعليه ثُلثَ العَملِ، فالعَقدُ صَحيحٌ، وله أنْ يَعملَ بعدَ ذلك النِّصفَ أو أكثَرَ، ولِصاحبِ الثُّلثَيْن أنْ يَتبرَّعَ له بشَيءٍ مِنْ رِبحِه؛ لأنَّه مِنْ بابِ المَعروفِ والصِّلةِ.
وله الهِبةُ لِصاحِبِه والسَّلفُ، بأنْ يُسلِفَ صاحبَه شَيئًا بعدَ العَقدِ الواقِعِ صَحيحًا لا في حينِه (١).
(١) «الكافي» (١/ ٣٩١)، و «الإشراف» (٣/ ٧٣، ٧٤) رقم (٩٣٢)، و «المعونة» (٢/ ١٤١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٣، ١٤)، و «الذخيرة» (٨/ ٥٢)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٤٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٤٧)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٦٧)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٤٩، ١٥٠)، و «الشرح الصغير مع حاشية الصاوي» (٨/ ٣، ٥)، و «الإفصاح» (١/ ٤٤٥).