وقال المالِكيَّةُ: العَملُ بينَهما في مالِ الشَّركةِ يَجِبُ أنْ يَكونَ بينَهما بقَدْرِ المالَيْن، ويَكونَ الرِّبحُ والخُسرُ بينَهما بقَدْرِ المالَيْن مُناصَفةً وغَيرَها، وصَحَّتِ الشَّركةُ إنْ دخَلا على ذلك أو سكَتا، ويُقضى عليهما بذلك؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما حائِزٌ لِلنِّصفِ، وله حُجةٌ.
وتَفسُدُ الشَّركةُ بشَرطِ التَّفاوتِ في ذلك عندَ العَقدِ، كما لو أخرَج أحَدُهما ألفًا مَثلًا، والآخَرُ ألفَيْن، وشرَطا التَّساويَ في الرِّبحِ والعَملِ؛ فإنْ وقَع ذلك وعُثِر عليه قبلَ العَملِ؛ فإنَّ عَقدَ الشَّركةِ يُفسخُ، وبعدَ العَملِ يُقسَمُ الرِّبُح على قَدْرِ المالَيْن، ولا يُلتفَتُ إلى اشتِراطِهما التَّفاوتَ؛ لأنَّ الشَّرطَ كان فاسِدًا، فيَرجعُ صاحِبُ الألفَيْن بفاضِلِ الرِّبحِ، وهو سُدسُه، ويَنزِعُه مِنْ صاحِبِ الألْفِ إنْ كان قبَضه؛ لِيُكملَ له ثُلثاه، ويَرجعُ صاحِبُ الألفِ بفاضِلِ عَملِه فيأخُذُ سُدسَ أُجرةِ المَجموعِ، وإنَّما يَرجِعُ أحَدُهما على الآخَرِ بأُجرةِ المِثلِ؛ لأنَّ عَقدَ الشَّركةِ المُبتَغى منه الاشتِراكُ في الرِّبحِ الحادثِ؛ فإذا وقَع فاسِدًا وجَب أنْ يَستحِقَّ العامِلُ أُجرةَ مِثلِ عَملِه على عامِلِ غَيرِه كالقِراضِ.
وإنَّما يُشترطُ أنْ يَكونَ العَملُ والرِّبحُ على قَدْرِ رُؤوسِ الأموالِ؛ لأنَّه قد ثبَت أنَّ عَقدَ الشَّركةِ يُوجِبُ في جِهةِ كلِّ واحِدٍ مِنَ الشَّريكَيْن قِسطًا مِنَ الرِّبحِ والخُسرانِ، ثم اتَّفقا على أنَّ أحَدَهما لو شرَط على الآخَرِ جُزءًا مِنَ الخُسرانِ أنْ يَنفرِدَ به كان ذلك غَيرَ جائِزٍ، كذلك إذا شرَط جُزءًا مِنَ الرِّبحِ بعِلَّةِ أنَّهما ثمَرتا مالِ الشَّركةِ، فوجَب تَساويهما فيه بقَدْرِ المالِ، ولأنَّ الرِّبحَ ثَمنُه المالُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute