للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصِفتُها: أنْ يُخرجَ أحَدُهما ثَوبًا، والآخَرُ ثَوبًا أو عَرضًا غَيرَه، ويَعقِدا الشَّركةَ بينَهما على أنْ يَكونَ الرِّبحُ بقَدْرِ رأسِ المالِ، فيَصحَّ عندَنا، وإنْ لَم يَذكُرْ أثمانًا، ولا قالا: «إنَّ ثَمنَ هذا الثَّوبِ كذا، وثَمنَ هذا الآخَرِ كذا»، وإذا سكَتا عن ذلك انعَقدتِ الشَّركةُ بينَهما على قيمةِ العُروضِ فيَكونُ رأسُ مالِ كلِّ واحِدٍ قيمةَ عَرضِه، وسَواءٌ كانتِ العُروضُ مما يَتميَّزُ أعيانُها، كالثِّيابِ والدَّراهِمِ السُّودِ مع البِيضِ، أو مما لا يَتميَّزُ، كالحِنطةِ والعَسلِ … ودليلُنا على جَوازِ الشَّركةِ بالعُروضِ على الوَجهِ الذي قَدَّرناه قَولُ اللهِ تَعالى: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١]، ولأنَّ العُروضَ أعيانُ أموالٍ، فجازتِ الشَّركةُ فيها، وإنْ لَم يُسمِّيا أثمانَها اعتِبارًا بما لا يَتميَّزُ، ولأنَّ حَقيقةَ الشَّركةِ أنْ يُملِّك أحَدُهما الآخَرَ نِصفَ عَرضِه، وتَحصُلَ أيديهما على جَميعِ المالِ، وهذا مَوجودٌ في مَسألتِنا، كما لو صرَّح بأنْ قال له: «بِعتُك نِصفَ ثَوبي بنِصفِ ثَوبِك»، أو إذا كان مما لا يَتميَّزُ (١).

قال ابنُ رُشدٍ : وأمَّا الشَّركةُ بالطَّعامِ مِنْ صِنفٍ واحِدٍ، فأجازَها ابنُ القاسِمِ قياسًا على إجماعِهم على جَوازِها في الصِّنفِ الواحِدِ مِنَ الذَّهبِ أو الفِضَّةِ.

ومنَعها مالِكٌ في أحَدِ قَولَيْه -وهو المَشهورُ- بعَدمِ المُناجَزةِ الذي يَدخلُ فيه، إذْ رأى أنَّ الأصلَ هو ألَّا يُقاسَ على مَوضعِ الرُّخصةِ بالإجماعِ،


(١) «الإشراف» (٣/ ٦٦) رقم (٩٢٥)، و «المعونة» (٢/ ١٤٣)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٦١)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٣٨، ٢٣٩)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٥)، و «الشرح الصغير مع حاشية الصاوي» (٧/ ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>