للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قيلَ: إنَّ وَجهَ كَراهيةِ مالِكٍ لذلك أنَّ الشَّركةَ تَفتقِرُ إلى الاستِواءِ في القيمةِ، والبَيعَ يَفتقِرُ إلى الاستِواءِ في الكَيلِ، فافتَقرتِ الشَّركةُ بالطَّعامَيْن مِنْ صِنفٍ واحِدٍ إلى استِواءِ القيمةِ والكَيلِ، وذلك لا يَكادُ يُوجدُ، فكَرِه مالِكٌ ذلك (١).

وقال ابنُ عَبدِ البَرِّ : ولا تَجوزُ الشَّركةُ بالطَّعامِ إذا اختلَف مِثلُ القَمحِ والشَّعيرِ، أو صِنفٌ مِنَ القَمحِ بغَيرِه، أو عَدَسٍ بفُولٍ أو تَمرٍ بزَبيبٍ أو زَيتٍ بسَمنٍ أو عَسلٍ أو سَمنِ بَقرٍ بسَمنِ غَنمٍ أو زَيتٍ أحمَرَ بأسوَدَ، أو شَيءٍ بشَيءٍ مِنْ صِنفِه ليس مِثلَه في عَينِه وجَودَتِه وحالِه، ولا تَجوزُ الشَّركةُ بهذا كلِّه وما كان مِثلَه، لا على الكَيلِ ولا على القيمةِ (٢).

وقال الإمامُ أحمدُ في الرِّوايةِ الأخرى -واختارَها كَثيرٌ مِنْ أصحابِه- بأنَّ الشَّركةَ تَصحُّ في العُروضِ؛ لأنَّ مَقصودَ الشَّركةِ جَوازُ تَصرُّفِهما في المالَيْن جَميعًا، وكَونُ الرِّبحِ بينَهما، وهذا يَحصُلُ في العُروضِ مِنْ غَيرِ غَررٍ، كما يَحصُلُ في الأثمانِ، ويُجعَلُ رأسُ المالِ قيمَتَها وَقتَ العَقدِ؛ لِيَتمكَّنَ العامِلُ مِنْ رَدِّ رأسِ المالِ عندَ التَّفاضُلِ، كما أنَّا جَعلنا نِصابَ زَكاتِها قيمَتَها، وسَواءٌ كانت العُروضُ مِنْ ذواتِ الأمثالِ، كالحُبوبِ أو لا (٣).


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ١٩٠)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٤٠)، و «الذخيرة» (٨/ ٤٢).
(٢) «الكافي» (١/ ٣٩١).
(٣) «المغني» (٥/ ١١)، و «إغاثة اللهفان» (٢/ ٤٤)، و «المبدع» (٥/ ٥)، وقال في «الإنصاف» (٥/ ٤١٠): وعنه: تصحُّ بالعروضِ. قال ابنُ رزين في شَرحِه: وعنه: تصحُّ بالعروضِ وهي أظهرُ. واختارَه أبو بكرٍ، وأبو الخطَّابِ، وابنُ عبدوسَ في تَذكِرته، وصاحبُ الفائقِ. وجزَم به في المنورِ. وقدَّمه في المحرَّرِ، والنظمِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>