للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّمنِ أو جُزءٍ منه عن أحَدِهما لِلآخَرِ، وحَقيقةُ العُهدةِ الكِتابُ الذي يُكتَبُ فيه وَثيقةُ البَيعِ، ويُذكَرُ فيه الثَّمنُ، فعبَّر به عن الثَّمنِ الذي يَضمنُه، وممَّن أجازَ ضَمانَ العُهدةِ في الجُملةِ أبو حَنيفةَ ومالِكٌ والشافِعيُ، ومنَع منه بَعضُ الشافِعيَّةِ؛ لِكونِه ضَمانَ ما لَم يَجِبْ ضَمانُه، وضَمانَ مَجهولٍ، وضَمانَ عَينٍ.

وقد بَيَّنَّا جَوازَ الضَّمانِ في ذلك كلِّه، ولأنَّ الحاجةَ تَدعو إلى الوَثيقةِ على البائعِ.

والوَثائقُ ثَلاثةٌ: الشَّهادةُ والرَّهنُ والضَّمانُ.

فأمَّا الشَّهادةُ فلا يُستوفَى منها الحَقُّ، وأمَّا الرَّهنُ فلا يَجوزُ في ذلك بالإجماعِ؛ لأنَّه يُؤدِّي إلى أنْ يَبقى أبدًا مَرهونًا، فلَم يَبقَ إلا الضَّمانُ.

ولأنَّه لا يَضمنُ إلا ما كان واجِبًا حالَ العَقدِ؛ لأنَّه إنَّما يَتعلَّقُ بالضَّمانِ حُكمٌ: إذا خرَج مُستحَقًّا أو مَعيبًا حالًّا العَقدُ، ومَتى كان كذلك ضمِن ما وجَب حين العَقدِ، والجَهالةُ مُنتَفيةٌ؛ لأنَّه ضمِن الجُملةَ؛ فإذا خرَج بَعضُه مُستحَقًّا لَزِمه بَعضُ ما ضمِنه (١).

القَولُ الثاني: لا يَصحُّ، وهو قَولٌ لِلشافِعيَّةِ (٢) ولِلحنابِلةِ (٣)؛ لأنَّه ضَمانُ ما لَم يَجِبْ، ولأنَّه ضَمانُ ما يُستحَقُّ مِنَ البِيعِ، وهو مَجهولٌ، وضَمانُ المَجهولِ لا يَصحُّ (٤).


(١) «المغني» (٦/ ٣١٨)، ويُنظر: «تكملة المجموع» (١٣/ ٢٠٣).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٤٦)، و «المجموع» (١٣/ ٢٠٢).
(٣) «المغني» (٦/ ٣١٨).
(٤) يُنظر: «المجموع» (١٣/ ٢٠٣)، و «المغني» (٦/ ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>