للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السِّيوطيُّ : ضَمانُ الدَّرَكِ جُوِّزَ على خِلافِ القياسِ، إذِ البائعُ إذا باع مِلكَ نَفْسِه، ليس ما أخَذه مِنَ الثَّمنِ دَينًا عليه حتى يَضمنَ، لكنْ لِاحتياجِ الناسِ إلى مُعاملةِ مَنْ لا يَعرِفونه، ولا يُؤمَنُ خُروجُ المَبيعِ مُستحَقًّا (١).

قال ابنُ قُدامةَ : إذا ثبَت هذا فإنَّه يَصحُّ ضَمانُ العُهدةِ عن البائعِ لِلمُشتَري قبلَ قَبضِ الثَّمنِ وبعدَه.

وقال الشافِعيُّ : إنَّما يَصحُّ بعدَ القَبضِ؛ لأنَّه قبلَ القَبضِ لو خرَج مُستحَقًّا لَم يَجِبْ على البائِعِ شَيءٌ، وهذا يَنبَني على ضَمانِ ما لَم يَجِبْ إذا كان مُفضيًا إلى الوُجوبِ، كالجَعالةِ.

وألفاظُ ضَمانِ العُهدةِ أنْ يَقولَ: «ضمِنتُ عُهدتَه أو ثَمنَه أو دَرَكَه».

أو أنْ يَقولَ لِلمُشتَري: «ضمِنتُ خَلاصَك منه»، أو يَقولَ: «مَتى خرَج المَبيعُ مُستحَقًّا فقد ضمِنتُ لكَ الثَّمنَ»، وحُكي عن أبي يُوسُفَ أنَّه قال: «ضمِنتُ لكَ العُهدةَ».

والعُهدةُ في الحَقيقةِ هي الصَّكُّ المَكتوبُ فيه الابتياعُ، هكذا فسَّره أهلُ اللُّغةِ، فلا يَصحُّ ضَمانُه لِلمُشتَري؛ لأنَّه مِلكُه، وليس بصَحيحٍ؛ لأنَّ العُهدةَ صارَتْ في العُرفِ عِبارةً عن الدَّرَكِ وضَمانِ الثَّمنِ، والكَلامُ المُطلَقُ يُحملُ على الأسماءِ العُرفيةِ دونَ اللُّغويةِ، كالرِّوايةِ تُحمَلُ عندَ إطلاقِها على المَزادةِ، لا على الجُمَلِ، وإنْ كان هو المَوضوعَ (٢).


(١) «الأشباه والنظائر» (١٢٥).
(٢) «المغني» (٦/ ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>