للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لو قد جاءَ مالُ البَحرَيْنِ قد أعطَيتُكَ هكذا وهكذا»، فلَم يَجِئْ مالُ البَحرَيْن حتى قُبِضَ النَّبيُّ ، فلَمَّا جاءَ مالُ البَحرَيْن أمَرَ أبو بَكرٍ فنُوديَ: مَنْ كان له عندَ النَّبيِّ عِدَةٌ أو دَينٌ فليأتِنا، فأتَيتُه، فقُلتُ له: إنَّ النَّبيَّ قال لي كذا وكذا، فحَثا لي حَثيةً، فعَدَدتُها، فإذا هي خَمسُمِئةٍ، وقال: خُذْ مِثْلَيْها (١).

قال الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ : ووَجْهُ دُخولِه في التَّرجمةِ أنَّ أبا بَكرٍ قامَ مَقامَ النَّبيِّ ، تَكفَّل بما كان عليه مِنْ واجِبٍ أو تَطوُّعٍ، فلَمَّا التزَم ذلك لَزِمه أنْ يُوفِّيَ جَميعَ ما عليه مِنْ دَينٍ أو عِدةٍ، وكان يُحِبُّ الوَفاءَ بالوَعدِ، فنَفَّذ أبو بَكرٍ ذلك (٢).

وقد استدَلَّ أهلُ العِلمِ أيضًا على جَوازِ الكَفالةِ بما رَواه الإمامُ مُسلِمٌ في «صَحيحِه» عن قَبيصةَ بنِ مُخارِقٍ الهِلاليِّ قال: تَحمَّلتُ حَمالةً فأتَيتُ رَسولَ اللهِ أسألُه فيها، فقال: «أقِمْ حتى تأتيَنا الصَّدقةُ فنأمُرَ لكَ بها»، قال: ثم قال: «يا قَبيصةُ، إنَّ المَسألةَ لا تَحِلُّ إلا لِأحَدِ ثلاثةٍ: رَجُلٍ تَحمَّلَ حَمالةً فحَلَّت له المَسألةُ حتى يُصيبَها ثم يُمسِكَ … » الحَديثَ (٣).

قال الإمامُ النَّوَويُّ : الحَمالةُ هي المالُ الذي تَحمَّله الإنسانُ، أي يَستَدينُه ويَدفَعُه في إصلاحِ ذاتِ البَينِ، كالإصلاحِ بينَ قَبيلتَيْن ونَحوِ


(١) أخرجه البخاري برقم (٢/ ٨٠٣) برقم (٢٢٩٦) كتاب الكَفالة (٤٤) باب: (من تكَفَّلَ عن ميِّتٍ ديْنًا فلَيْسَ له أنْ يرْجِعَ)، وبِهِ قال الْحسَنُ.
(٢) «فتح الباري» (٤/ ٥٥٥).
(٣) «صحيح مسلم» (١٠٤٤) في كتاب الزكاة باب: (من تحل له المسألة).

<<  <  ج: ص:  >  >>