فهذه الصُّورةُ تُؤدِّي إلى بَيعٍ وسَلَفٍ، وهو جائِزٌ في ظاهِرِه، ولا خِلافَ في المَذهبِ في مَنعِه، وحيث تَكرَّر في هذه الصُّورةِ البَيعُ مُنِعتْ عِندَهم لِتُهمةِ قَصدِ البَيعِ والسَّلَفِ.
الثانيةُ: بَيعٌ وسَلَفٌ بشَرطٍ مِنَ البائِعِ أو المُشتَري، وهذه الصُّورةُ مَمنوعةٌ غيرُ جائِزةٍ؛ لأنَّ الانتِفاعَ بالقَرضِ هو مِنْ جُملةِ الثَّمَنِ إنْ كان شَرطُ السَّلَفِ صادِرًا مِنَ البائِعِ، أو هو مِنْ جُملةِ المُثَمَّنِ -أي: المَبيعِ- إنْ كان شَرطُ السَّلَفِ صادِرًا مِنَ المُشتَري، ففيه سَلَفٌ جَرَّ نَفعًا.
الثالِثةُ: بَيعٌ وسَلَفٌ بلا شَرطٍ، لا صَراحةً ولا حُكمًا، وهي جائِزةٌ على المُعتمَدِ.
ويَصحُّ البَيعُ إنْ حُذِفَ الشَّرطُ المُناقِضُ لِلمَقصودِ، أو المُخِلُّ بالثَّمَنِ مع قيامِ السِّلعةِ، ولو غابَ المُتَسلِّفُ منهما على السَّلَفِ غَيبةً يُمكِنُ فيها الانتِفاعُ به.
وأمَّا لو فاتَتِ السِّلعةُ فظاهِرُ المَذهبِ لا يُؤثِّرُ إسقاطُه بعدَ فَوْتِها في يَدِ مُشتَريها؛ لأنَّ القيمةَ حينَئذٍ قد وَجَبتْ عليه، فلا يُؤثِّرُ الإسقاطُ بعدَه.
وفي البَيعِ بشَرطِ السَّلَفِ -إنْ فاتَ المَبيعُ بيَدِ المُشتَري- الأكثَرُ مِنَ الثَّمَنِ الذي وَقَع به البَيعُ، ومِنَ القيمةِ يَومَ قَبضِه مِنْ بائِعِه.
هذا إنْ أسلَفَ المُشتَري بائِعَه؛ لأنَّه لمَّا أسلَفَه أخَذَها منه ببَخْسٍ، كالشَّرطِ المُناقِضِ، فإنَّ فيه الأكثَرَ منهما إذا فات المَبيعُ بيَدِ المُشتَري؛ لأنَّه بشَرطِه المُناقِضِ يَلزَمُ النَّقصُ في الثَّمنِ، فوَجَب له الأكثَرُ.