للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحَنابِلةُ في المَذهبِ: وإنْ شَرَط أنْ يُعطيَه إياه في بَلَدٍ آخَرَ، وكان لِحَملِه مُؤنةٌ لَم يَجُزْ؛ لأنَّه زيادةٌ، وإنْ لَم يَكُنْ لِحَملِه مُؤنةٌ جازَ.

وقد نَصَّ أحمدُ على أنَّ مَنْ شَرَط أنْ يَكتُبَ له بها سَفتَجةً لَم يَجُزْ، ومَعناه اشتِراطُ القَضاءِ في بَلَدٍ آخَرَ (١).

وذهَب الإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ اختارَها ابنُ قُدامةَ وشَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ وابنُ القَيِّمِ وبَعضُ المالِكيَّةِ إلى جَوازِ السَّفتَجةِ؛ لِكَونِها مَصلَحةً لَهما جَميعًا.

ولِما رُوِيَ عن عَطاءٍ أنَّه قال: كان ابنُ الزُّبَيرِ يأخُذُ مِنْ قَومٍ بمَكةَ دَراهَم ثم يَكتُبُ لهم بها إلى مُصعَبِ بنِ الزُّبَيرِ بالعِراقِ فيأخُذونَها منه، فسُئِلَ عن ذلك ابنُ عَبَّاسٍ فلَمْ يَرَ به بَأْسًا (٢).

ورُويَ عن علِيٍّ أنَّه قال: «لا بأسَ أنْ يُعطيَ المالَ بالمَدينةِ ويأخُذَ بأفريقيةَ» (٣)، وممَّن لَم يَرَ به بأْسًا ابنُ سِيرينَ والنَّخَعيُّ.

وذَكَر القاضي أنْ لِلوصيِّ قَرضَ مالِ اليَتيمِ في بَلَدٍ آخَرَ لِيَربَحَ خَطَرَ الطَّريقِ.

قال ابنُ قُدامةَ : والصَّحيحُ جَوازُه؛ لأنَّه مَصلَحةٌ لَهما مِنْ غيرِ ضَرَرٍ بواحِدٍ منهما، والشَّرعُ لا يُرَدُّ بتَحريمِ المَصالِحِ التي لا مَضَرَّةَ فيها، بل


(١) «المغني» (٤/ ٢١١)، و «المبدع» (٤/ ٢٠٩).
(٢) رواه عبد الرزاق في «مصنفه» (٨/ ١٤٠) رقم (١٤٦٤٢).
(٣) رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٤/ ٣٥٩) رقم (٢١٠٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>