للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمَشروعيَّتِها؛ ولأنَّ هذا ليس بمَنصوصٍ على تَحريمِه، ولا في مَعنى المَنصوصِ، فوَجَب إبقاؤُه على الإباحةِ (١).

وقال ابنُ عَبدِ البَرِّ : ولا يَجوزُ أنْ يَقترِضَ الرَّجُلُ شَيئًا له حَملٌ ومُؤنةٌ في بَلَدٍ على أنْ يُعطيَه ذلك في بَلَدٍ آخَرَ، فأمَّا السَّفاتِجُ بالدَّنانيرِ والدَّراهِمِ فقد كرِه مالِكٌ العَمَلَ بها، ولَم يُحرِّمْها، وأجازَ ذلك طائِفةٌ مِنْ أصحابِه وجَماعةٌ مِنْ أهلِ العِلمِ سِواهُم؛ لأنَّه ليس لها حَملٌ ولا مُؤَنٌ، وقد رُوِيَ عن مالِكٍ أيضًا أنَّه لا بأسَ بذلك، والأشهَرُ عنه كَراهيَتُه؛ لِما استَعمَلَه الناسُ مِنْ أمرِ السَّفاتِجِ ولَم يَختلِفْ قَولُه في كَراهةِ استِسلافِ الطَّعامِ على أنْ يُعطى ببَلَدٍ آخَرَ، وكذلك كلُّ شَيءٍ له حَملٌ ومُؤنةٌ.

ولا بأسَ أنْ يَشترِطَ المُستَسلِفُ ما يَنتفِعُ به مِنَ القَضاءِ في مَوضِعٍ آخَرَ، ونَحوَ ذلك، قال مالِكٌ: فإنْ كان المُقرِضُ هو المُشترِطَ لِما يَنتفِعُ به لَم يَجُزْ ذلك ولا خَيرَ فيه (٢).

وقال شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : السَّفتَجةُ أنْ يُقرِضَه دَراهِمَ يَستَوفيها منه في بَلَدٍ آخَرَ، مِثلَ أنْ يَكونَ المُقرِضُ غَرَضُه حَملُ دَراهِمَ إلى بَلَدٍ آخَرَ، والمُقترِضُ له دَراهِمُ في ذلك البَلَدِ، وهو مُحتاجٌ إلى دَراهِمَ في بَلَدِ المُقرِضِ، فيَقترِضَ منه في بَلَدٍ دَراهِمَ المُقرِضِ ويَكتُبَ له سَفتَجةً -أي: وَرَقةً- إلى بَلَدِ دَراهِمِ المُقترِضِ، فهذا يَجوزُ في أصَحِّ قَولَيِ العُلماءِ.


(١) «المغني» (٤/ ٢١١)، و «الكافي» (٢/ ١٢٥).
(٢) «الكافي» (١/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>