للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الشافِعيَّةُ فقال الماوَرديُّ : أخْذُ السَّفاتِجِ بالمالِ على ضَربَيْنِ: أحَدُهما: أنْ يَكونَ بدَينٍ ثابِتٍ، والآخَرُ: أنْ يَكونَ بقَرضٍ حادِثٍ، فأمَّا الدَّينُ الثابِتُ إذا سألَ صاحِبُه مَنْ هو عليه أنْ يَكتُبَ له به سَفتَجةً إلى بَلَدٍ آخَرَ لَم يَلزَمْه إلا أنْ يَشاءَ، فلو اتَّفَقا على كَتْبِ سَفتَجةٍ جازَ.

وأمَّا القَرضُ فضَربانِ:

أحَدُهما: أنْ يَكونَ مَشروطًا فيه كَتْبُ السَّفتَجةِ، أمَّا مِنْ جِهةِ المُقرِضِ فيَقولُ: «هو ذا أقرَضتُكَ لِتَكتُبَ لِي به سَفتَجةً إلى بَلَدِ كذا كذا»، أو مِنْ جِهةِ المُقترِضِ فيَقولُ: «هو ذا أقتَرِضُ منكَ لِأكتُبَ لَكَ في سَفتَجةٍ إلى بَلَدِ كذا»، فهذا قَرضٌ باطِلٌ لا يَصحُّ أخْذُ السَّفتَجةِ به؛ لأنَّه قَرضٌ جَرَّ مَنفَعةً.

والآخَرُ: أنْ يَكونَ قَرضًا مُطلَقًا، ثم يَتَّفِقانِ على كَتْبِ سَفتَجةٍ فيَجوزُ هذا كالدَّينِ، وإذا كان كذلك فلا يَخلو حالُ السَّفتَجةِ بالدَّينِ مِنْ أحَدِ أمرَيْنِ، إمَّا أنْ يَكونَ بلَفظِ الحَوالةِ أو بلَفظِ الأمرِ والرِّسالةِ، فإنْ كانتْ بلَفظِ الحَوالةِ فإذا ورَدَتِ السَّفتَجةُ إلى المَكتوبِ إليه لَزِمَه أداؤُها بأربعةِ شُروطٍ، أحَدُها: أنْ يَعترِفَ بدَينِ الكاتِبِ، الثاني: أنْ يَعترِفَ بدَينِ المَكتوبِ لَه، الثالِثُ: أنْ يَعترِفَ بأنَّه كِتابُ المُحيلِ، الرابِعُ: أنْ يَعترِفَ بأنَّه كتَبه مُريدًا أنَّه الحَوالةُ، فإذا اعتَرَف بهذه الأربعةِ لَزِمَه أداءُ ما في السَّفتجةِ مِنَ الدَّينِ، سَواءٌ ضمِنه لَفظًا أو لا، وإنِ اعتَرَف بدَينِ الكاتِبِ وأنكَرَ دَينَ المَكتوبِ لَه، أو اعتَرَف بدَينِهما وأنكَرَ الكِتابَ لَم تَلزَمْه الحَوالةُ، ولو اعتَرَف بدَينِهما وبالكِتابةِ وأنكَرَ أنْ يَكونَ الكاتِبُ أرادَ به الحَوالةَ فالمَذهبُ الذي يُوجِبُه القياسُ أنَّ الحَوالةَ لا تَلزَمُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>