للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الكَرمانيُّ : هي في مَعنى الحَوالةِ؛ لأنَّه أحالَ الخَطَر المُتوَقَّعَ على المُستقرِضِ، وهذا ما قاله الحَصكَفيُّ، قال: السَّفتَجةُ: إقراضٌ لِسُقوطِ خَطَرِ الطَّريقِ، فكأنَّه أحالَ الخَطَرَ المُتوقَّعَ على المُستقرِضِ، فكان في مَعنى الحَوالةِ.

قال ابنُ عابدينَ: وفي «نَظمِ الكَنزِ» لِابنِ الفَصيحِ:

وكَرِهتُ سَفاتِجَ الطَّريقِ وهي إحالةٌ على التَّحقيقِ

قال شارِحُه المَقدسيُّ : لأنَّه يُحيلُ صَديقَه عليه أو مَنْ يَكتُبُ إليه (١).

وقد اختَلَف الفُقهاءُ في حُكمِ السَّفتَجةِ، وهي إما أنْ تَكونَ بشَرطٍ أو بغَيرِ شَرطٍ، فإنْ كانَتْ بغَيرِ شَرطٍ فالجُمهورُ على جَوازِها.

وأمَّا إذا كانَتْ بشَرطٍ فقد ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ، الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ في المَشهورِ والشافِعيَّةُ وأحمدُ في إحدى الرِّوايَتَيْنِ إلى عَدَمِ الجَوازِ؛ لأنَّه قَرضٌ جَرَّ نَفعًا فيُشبِهُ الرِّبا؛ لأنَّ المَنفَعةَ فَضلٌ لا يُقابِلُه عِوَضٌ.

قال الحَنفيَّةُ: إذا أقرَضَه بالكُوفةِ بشَرطِ أنْ يُوَفِّيَه بالبَصرةِ لا يَجوزُ؛ لأنَّه قَرضٌ جَرَّ مَنفَعةً؛ لأنَّ المُستقرِضَ يَكفيه خَطَرَ الطَّريقِ ومُؤنةَ الحَملِ، وعلى هذا فالسَّفاتِجُ التي يَتعامَلُ بها التُّجَّارُ يُقرِضونَ فيما بَينَهم، ويَكتُبُ المُستقرِضُ لِلمُقرِضِ سَفتَجةً إلى مَكانٍ، فإنْ كان ذلك شَرطًا في القَرضِ فهو مَكروهٌ؛ لأنَّه قَرضٌ جَرَّ مَنفَعةً، فإنَّه يُسقِطُ عن المُقرِضِ مُؤنةَ الحَملِ


(١) «الدر المختار مع حاشية ابن عابدين» (٥/ ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>