للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المالِكيَّةُ: السَّفتَجةُ هي الكِتابُ الذي يُرسِلُه المُقترِضُ إلى وَكيلِه في بَلَدٍ آخَرَ لِيَدفَعَ لِحامِلِه نَظيرَ ما تَسَلَّفَ منه لِيَدفَعَ بذلك خَطَرَ الطَّريقِ ومُؤنةَ الحَملِ (١).

والنَّفعُ المُتوقَّعُ هنا هو أنْ يَستفيدَ المُقرِضُ دَفعَ خَطَرِ الطَّريقِ عن مالِه؛ إذْ قد يَخشى لو سافَرَ بأموالِه أنْ يَسطُوَ عليه اللُّصوصُ وقُطَّاعُ الطُّرُقِ فيأخُذوه منه، فيَلجَأُ إلى هذه الحِيلةِ لِيَستَفيدَ مِنْ وَراءِ هذا القَرضِ دَفعَ الخَطَرِ المُتوَقَّعِ في الطَّريقِ (٢).

وجُمهورُ الفُقهاءِ يَعتبِرونَ السَّفتَجةَ قَرضًا، وليستْ حَوالةً، إلا أنَّها تُشبِهُ الحَوالةَ باعتِبارِ أنَّ المُقترِضَ يُحيلُ المُقرِضَ إلى شَخصٍ ثالِثٍ، فكأنَّه نَقَلَ دَينَ المُقرِضِ مِنْ ذِمَّتِه إلى ذِمَّةِ المُحالِ عليه، والحَوالةُ لا تَخرُجُ عن كَونِها نَقلَ الدَّينِ مِنْ ذِمَّةٍ إلى ذِمَّةٍ.

لكنِ اعتَبَرها الجُمهورُ مِنْ بابِ القَرضِ؛ لأنَّ الكَلامَ في القَرضِ الذي يَجُرُّ مَنفَعةً هل هو جائِزٌ أو غيرُ جائِزٍ، أمَّا الحَوالةُ فهي في دَينٍ ثَبَت في الذِّمَّةِ فِعلًا.

وقد ذَكَرها بَعضُ فُقهاءِ الحَنفيَّةِ كالحَصكَفيِّ والمَرغِينانيِّ في آخِرِ بابِ الحَوالةِ مع ذِكرِها في بابِ القَرضِ أيضًا.

وقال ابنُ الهُمامِ والبابَرتيُّ: أورَدَ القُدُوريُّ هذه المَسألةِ هنا لأنَّها مُعامَلةٌ في الدُّيونِ، كالكَفالةِ والحَوالةِ (٣).


(١) «تحبير المختصر» (٤/ ٧٣)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٢٣١).
(٢) «تحرير ألفاظ التنبيه» ص (١٩٣)، و «المطلع على أبواب المقنع» (٢٦٠).
(٣) «شرح فتح القدير» (٧/ ٢٥١)، و «العناية» (١٠/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>