للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثلِه، سَواءٌ زادتْ قيمَتُه على وَقتِ القَرضِ أو نَقَصتْ قيمَتُه عن ذلك، ويَجبُ على المُقرِضِ أنْ يأخُذَ ذلك.

قال الإمامُ ابنُ المُنذرِ : أجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ مَنْ أسلَفَ سَلَفًا مما يَجوزُ أنْ يُسلَفَ فرَدَّ عليه مِثلَه جازَ، وأنَّ لِلمُسلِفِ أخْذَ ذلك (١).

وقال ابنُ القَطَّانِ الفاسيُّ : واتَّفَقوا على وُجوبِ رَدِّ مِثلِ الشَّيءِ المُستقرَضِ (٢)، ولأنَّ المَكيلَ والمَوزونَ في الغَصبِ والإتلافِ بمِثلِه، فكذا ههنا (٣).

قال الحَنابِلةُ: فإنْ أعوَزَ المِثلَ بأنْ عَزَّ وُجودُه ولَم يُوجَدْ لَزِمَ المُقترِضَ قيمةُ المِثلِ يَومَ إعوازِه؛ لأنَّها حينَئذٍ ثَبَتتْ في الذِّمَّةِ (٤).

ثم اختَلَفوا في غيرِ المَكيلِ والمَوزونِ هل يُرَدُّ مِثلُه أو قيمَتُه؟

فذهَب الشافِعيَّةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ في وَجهٍ إلى أنَّه يُرَدُّ في المُتقوَّمِ المِثلُ صُورةً؛ لأنَّ النَّبيَّ اقتَرَضَ بَكرًا ورَدَّ رباعِيًّا، وقال: إنَّ خيارَكُم أحسَنُكم قَضاءً، ولأنَّه لو وَجَبتْ قيمَتُه لافتَقَرَ إلى العِلمِ بها.

وقال الحَنابِلةُ: ويُخالِفُ الإتلافَ؛ فإنَّه لا مُسامَحةَ فيه، فوَجَبتِ القيمةُ؛ لأنَّها أحصَرُ، والقَرضُ أسهَلُ، ولِهذا جازَتِ النَّسيئةُ فيما فيه الرِّبا، ويُعتبَرُ


(١) «الإجماع» (٥٠٧)، و «الإشراف» (٦/ ١٤٢)، يُنظر: «حاشية الصاوي» (٧/ ١٨٨).
(٢) «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١٦٦٨) رقم (٣٢٦٣).
(٣) «المغني» (٤/ ٢١٠).
(٤) «كشاف القناع» (٣/ ٣٦٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>