للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلمُقرِضِ قيمَتُها، ولَم يَلزَمْه قَبولُها، سَواءٌ كانت قائمةً في يَدِه أو استَهلَكَها؛ لأنَّها تَعيَّبتْ في مِلكِه، نَصَّ عليه أحمدُ في الدَّراهِمِ المُكسَّرةِ، وقال: يُقوِّمُها كَمْ تُساوي يَومَ أخَذَها ثم يُعطيه، وسَواءٌ نَقَصتْ قيمَتُها قَليلًا أو كَثيرًا.

قالَ القاضي: هذا إذا اتَّفَق الناسُ على تَركِها، فأمَّا إنْ تَعامَلوا بها مع تَحريمِ السُّلطانِ لَها لَزِمَ أخذُها، وقال مالِكٌ واللَيثُ بنُ سَعدٍ والشافِعيُّ: ليس له إلا مِثلُ ما أقرَضَه؛ لأنَّ ذلك ليس بعَيبٍ حَدَث فيها، فجَرى مَجرى نَقصِ سِعرِها.

ولنا: أنَّ تَحريمَ السُّلطانِ لها مَنَع إنفاقَها وأبطَلَ ماليَّتَها، فأشبَهَ كَسرَها أو تَلَفَ أجزائِها، وأما رُخصُ السِّعرِ فلا يَمنَعُ رَدَّها، سَواءٌ كان كَثيرًا -مِثلَ أنْ كانتْ عَشَرةً بدانَقٍ، فصارَتْ عِشرينَ بدانَقٍ- أو قَليلًا؛ لأنَّه لَم يَحدُثْ فيها شَيءٌ إنَّما تَغيَّرَ السِّعرُ فأشبَهَ الحِنطةَ إذا رَخُصتْ أو غَلَتْ (١).

وذهَب الإمامُ أبو يُوسُفَ مِنَ الحَنفيَّةِ وعليه الفَتوى عندَهم إلى أنَّ الفُلوسَ إذا غَلَتْ أو نَقَصتْ فعليه قيمَتُها مِنَ الدَّراهِمِ يَومَ البَيعِ والقَبضِ.

وللإمامِ ابنِ عابدينَ كَلامٌ مُهِمٌّ في هذا، قال: مَطلَبٌ مُهِمٌّ في أحكامِ النُّقودِ إذا كَسَدتْ أو انقَطَعتْ أو غَلَتْ أو رَخُصتْ:

قَولُه: قُلتُ: «ومما يَكثُرُ وُقوعُه … » إلخ، اعلَمْ أنَّه إذا اشتَرى بالدَّراهِمِ التي غَلَب غِشُّها، أو بالفُلوسِ ولَم يُسلِّمْها لِلبائِعِ ثم كَسَدتْ بَطَل البَيعُ والانقِطاعُ عن أيدي الناسِ كالكَسادِ، ويَجبُ على المُشتَري رَدُّ المَبيعِ لو


(١) «المغني» (٤/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>