للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في «المُدوَّنةِ الكُبرى»: قُلتُ: أرأيتَ إنْ أتَيتُ إلى رَجُلٍ فقُلتُ له: أسلِفْني دِرهَمَ فُلوسٍ، ففَعَل والفُلوسُ يَومَئِذٍ مِئةُ فِلْسٍ بدِرهَمٍ، ثم حالَتِ الفُلوسُ ورَخُصتْ حتى صارَتْ مِئتا فِلسٍ بدِرهَمٍ؟ قال: إنَّما يُرَدُّ مِثلُ ما أُخِذَ ولا يُلتَفتُ إلى الزِّيادةِ. قال: وقال مالِكٌ: الشَّرطُ باطِلٌ وإنَّما عليه مِثلُ ما أخَذَ (١).

وقال الإمامُ السُّيوطيُّ : قد تَقرَّرَ أنَّ القَرضَ الصَّحيحَ يُرَدُّ فيه المِثلُ مُطلَقًا، فإذا اقتَرَض منه رِطلَ فُلوسٍ فالواجِبُ رَدُّ رِطلٍ مِنْ ذلك الجِنسِ، سَواءٌ زادَتْ قيمَتُه أو نَقَصتْ، أمَّا في صُورةِ الزِّيادةِ فلأنَّ القَرضَ كالسَّلَمِ، وسيأتي النَّقلُ فيه، وأمَّا في صُورةِ النَّقصِ فقد قال في الرَّوضةِ مِنْ زَوائِدِه: ولو أقرَضَه نَقدًا فأبطَلَ السُّلطانُ المُعامَلةَ به فليس له إلا النَّقدُ الذي أقرَضَه، نَصَّ عليه الشافِعيُّ ، فإذا كان هذا مع إبطالِه فمع نَقصِ قيمَتِه مِنْ بابِ أوْلى (٢).

وقال الإمامُ ابنُ قُدامةَ : المُستَقرِضُ يَرُدُّ المِثلَ في المِثليَّاتِ، سَواءٌ رَخُصَ سِعرُه أو غَلا أو كان بحالِه.

ولو كان ما أقرَضَه مَوجودًا بعَينِه فرَدَّه مِنْ غيرِ عَيبٍ يَحدُثُ فيه لَزِمَ قَبولُه، سَواءٌ تَغيَّرَ سِعرُه أو لَم يَتغيَّرْ، وإنْ حَدَث به عَيبٌ لَم يَلزَمْه قَبولُه، وإنْ كان القَرضُ فُلوسًا، أو مُكسَّرةً، فحَرَّمها السُّلطانُ وتُرِكتِ المُعامَلةُ بها كان


(١) «المدونة الكبرى» (١٤/ ٣٢١).
(٢) «الحاوي» لِلفتاوى (١/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>