للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أقامَ بَيِّنةً أنَّ غَريمَه الدائِنَ أحالَ عليه فُلانًا الغائِبَ سُمِعتْ وسَقَطتْ مُطالَبَتُه له، فإنْ لَم يُقِمْ بَيِّنةً صُدِّقَ غَريمُه بيَمينِه، ولا يُقضَى بالبَيِّنةِ لِلغائِبِ بأنْ تَثبُتَ بها الحَوالةُ في حَقِّه حتى لا يُحتاجَ إلى إقامةِ بَيِّنةٍ إنْ قَدَّمَ في أحَدِ الوَجهَيْنِ؛ إذ لا يُقضى بالبَيِّنةِ لِلغائِبِ.

والوَجهُ الآخَرُ: يُقضى بها؛ لأنَّه إذا قَدَّمَ يَدَّعي على المُحالِ عليه، لا المُحيلُ، وهو مُقِرٌّ له، فلا حاجةَ إلى إقامةِ البَيِّنةِ (١).

وقال الحَنابِلةُ: إذا اختَلَف المُحيلُ والمُحتالُ، بأنْ قال المُحيلُ: «أحَلتُكَ بلَفظِ الحَوالةِ»، فقال المُحتالُ: «بل وَكَّلتَني في القَبضِ بلَفظِ الوَكالةِ»، فإنْ كان لِأحَدِهما بَيِّنةٌ عُمِلَ بها؛ لأنَّ الاختِلافَ هنا في اللَّفظِ، وإنْ لَم يَكُنْ لِأحَدِهما بَيِّنةٌ فقَولُ مُدَّعِي الوَكالةِ بيَمينِه، وله القَبضُ؛ لأنَّه إمَّا وَكيلٌ وإمَّا مُحتالٌ، فإنْ قبَض منه بقَدْرِ دَينِه فأقَلَّ فله أخْذُه لِنَفْسِه؛ لأنَّ رَبَّ الحَقِّ يَعترِفُ له به، وهو يَقولُ: إنَّه أمانةٌ في يَدِه، وله مِثلُه عليه، فإذا أخَذَه لِنَفْسِه حَصَلَ غَرَضُه له، وإنِ استَوفَى مُدَّعِي الوَكالةِ دَينَه مِنْ مُدَّعِي الحَوالةِ رَجَع هو على المُحالِ عليه.

وإنْ كان مُدَّعِي الوَكالةِ قد قبَض وأتلَفَ أو تلِف في يَدِه بتَفريطِه سَقَطَ حَقُّه، وإنْ تلِف في يَدِه بلا تَفريطٍ فالتالِفُ على خَصمِه، وله طَلَبُه بحَقِّه ولا رُجوعَ لِخَصمِه على المُحالِ عليه؛ لِاعتِرافِه ببَراءَتِه.


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٤٣٨، ٤٣٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٥٩، ١٦٠)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٤٩٤، ٤٩٥)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٤٧٨، ٤٧٩)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٠٨، ٨٠٩)، و «الديباج» (٢/ ٢٧٦، ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>