للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ قال المُحيلُ: «وَكَّلتُكَ في القَبضِ»، وقال المُحالُ: «بل أحَلتَني»، فالقَولُ قَولُ مُدَّعِي الوَكالةِ؛ لأنَّه يَدَّعي بَقاءَ الحَقِّ على ما كان، ويُنكِرُ انتِقالَه والأصلُ معه.

وكذا إنِ اتَّفقَ رَبُّ الدَّينِ والمَدينِ على أنَّه -أي: المَدينَ- قال لِرَبِّ الدَّينِ: «أحَلتُكَ على زَيدٍ، أو أحَلتُكَ بدَيْنِي على زَيدٍ»، وادَّعى أحَدُهما أنَّه أُريدَ بها الوَكالةُ وادَّعَى الآخَرُ إرادةَ الحَوالةِ فالقَولُ قَولُ مُدَّعِي الوَكالةِ بيَمينِه؛ لأنَّ الأصلَ بَقاءُ الدَّينِ على كلٍّ مِنَ المُحيلِ والمُحالِ عليه، ومُدَّعِي الحَوالةِ يَدَّعي نَقلَه، ومُدَّعِي الوَكالةِ يُنكِرُه؛ ولا مَوضِعَ لِلبَيِّنةِ هنا؛ لأنَّ الاختِلافَ في النِّيَّةِ؛ لأنَّهما لَم يَختَلِفا في لَفظٍ يُسمَعُ ولا فِعلٍ يُرى، وإنَّما يَدَّعي أحَدُهما بنِيَّتِه، وهذا لا تَشهَدُ به البَيِّنةُ نَفيًا ولا إثباتًا.

وإنْ قال المَدينُ لِرَبِّ الحَقِّ: «أحَلتُكَ بدَينِكَ»، واتَّفَقا على صُدورِ ذلك اللَّفظِ بَينَهما، وادَّعى أحَدُهما أنَّه أرادَ بها الحَوالةَ، وادَّعى الآخَرُ إرادةَ الوَكالةِ، فقَولُ مُدَّعي الحَوالةِ؛ لأنَّ الحَوالةَ بدَينِه لا تَحتمِلُ الوَكالةَ، فلَم يُقبَلْ قَولُ مُدَّعيها.

ومَن له دَينٌ على آخَرَ فطالَبَه به فقال: «أحَلتُكَ به على فُلانٍ الغائِبِ»، وأنكَرَ رَبُّ الحَقِّ فقَولُه مع يَمينِه ويُعمَلُ بالبَيِّنةِ (١).


(١) «الشرح الكبير» (٥/ ٦٥، ٦٦)، و «المبدع» (٤/ ٢٧٥)، و «الانصاف» (٥/ ٣٣١، ٣٣٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٤٥٤، ٤٥٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٤٠٤، ٤٠٥)، و «الروض المربع» (٢/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>