والآخَرُ: يَرجِعُ عليه، وهو المَذهبُ؛ لأنَّه قد غُرِّمَ، وإنَّما عاد إليه بسَبَبٍ آخَرَ (١).
أمَّا الحَنفيَّةُ فقالوا: لا يُشترَطُ لِصِحَّةِ الحَوالةِ وُجودُ دَينٍ على المُحالِ عليه لِلمُحيلِ قبلَ الحَوالةِ، فتَصحُّ الحَوالةُ سَواءٌ كان لِلمُحيلِ على المُحالِ عليه دَينٌ، أو لَم يَكُنْ، وسَواءٌ كانتِ الحَوالةُ مُطلَقةً أو مُقيَّدةً.
والجُملةُ فيه أنَّ الحَوالةَ نَوعانِ: مُطلَقةٌ ومُقيَّدةٌ، فالمُطلَقةُ أنْ يُحيلَ بالدَّينِ على فُلانٍ ولا يُقيِّدَه بالدَّينِ الذي عليه.
والمُقيَّدةُ أنْ يُقيِّدَه بذلك.
والحَوالةُ بكُلِّ نَوعٍ مِنَ النَّوعَيْنِ جائِزةٌ؛ لقَولِ النَّبيِّ ﷺ:«مَنْ أُحيلَ على مَليءٍ فلْيَتْبَعْ» مِنْ غيرِ فَصلٍ، إلا أنَّ الحَوالةَ المُطلَقةَ تُخالِفُ الحَوالةَ المُقيَّدةَ في أحكامٍ:
منها: إذا أطلَقَ الحَوالةَ ولَم يَكُنْ له على المُحالِ عليه دَينٌ فإنَّ المُحالَ يُطالِبُ المُحالَ عليه بدَينِ الحَوالةِ لا غَيرُ، وإنْ كان له عليه دَينٌ فإنَّ المُحالَ عليه يُطالِبُ بدَينَيْنِ: دَينِ الحَوالةِ ودَينِ المُحيلِ، فيُطالِبُه المُحالُ بدَينِ الحَوالةِ ويُطالِبُه المُحيلُ بالدَّينِ الذي له عليه، ولا يَنقطِعُ حَقُّ المُطالَبةِ لِلمُحيلِ بدَينِه بسَبَبِ الحَوالةِ؛ لأنَّ الحَوالةَ لَم تَتقيَّدْ بالدَّينِ الذي لِلمُحالِ
(١) يُنظر: «روضة الطالبين» (٣/ ٤٣٢)، و «البيان» (٦/ ٢٨٤، ٢٨٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٥٤)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٤٨٥)، و «الديباج» (٢/ ٢٧٢)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٤٧١)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٠٢).