للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَوالةِ أنْ يُحيلَه على مَنْ عليه دَينٌ لِلمُحيلِ، بل تَصحُّ وإنْ لَم يَكُنْ على المُحالِ عليه دَينٌ لِلمُحيلِ؛ لأنَّ المُحالَ عليه إذا قبلَ الحَوالةَ صارَ كأنَّه قال لِصاحِبِ الحَقِّ: «أسقِطْ عنه حَقَّكَ»، أو: «أبرِئْه وعلَيَّ عِوَضُه»، ولو قال ذلك لَلَزِمَه؛ لأنَّه استِدعاءُ إتلافِ مِلكٍ بعِوَضٍ، فكذلك هذا مِثلُه.

قال الشافِعيَّةُ -بِناءً على هذا القَولِ-: هل يُبرَأُ المُحيل بالحَوالةِ نَفْسِها أو لا؟ فيه وَجهانِ:

أحَدُهما: يُبرَأُ المُحيلُ بالحَوالةِ نَفْسِها كسائِرِ الحَوالاتِ.

وأصَحُّهما وبه قَطَعَ الأكثَرونَ: لا يُبرَأُ، بل قَبولُه ضَمانٌ مُجرَّدٌ، فيَرجِعُ على المُحيلِ إنْ أدَّى بإذْنِه، وكذا بغَيرِ إذْنِه على الأصَحِّ؛ لِجَرَيانِ الحَوالةِ بإذْنِه، وفي رُجوعِه قبلَ الأداءِ وَجهانِ بِناءً على بَراءةِ المُحيلِ.

وإذا طالَبَ المُحتالُ بالأداءِ فله مُطالَبةُ المُحيلِ بتَخليصِه.

وهل له ذلك قبلَ مُطالَبةِ المُحتالِ؟ وَجهانِ؛ كالوَجهَيْنِ في مُطالَبةِ الضامِنِ.

ولو أبرأ المُحتالُ المُحالَ عليه بَرِئَ ولا يَرجِعُ المُحتالُ عليه على المُحيلِ بشَيءٍ؛ لأنَّه لَم يُغرَّمْ شَيئًا.

وإنْ قَبَض المُحتالُ الحَقَّ مِنَ المُحالِ عليه بإذْنِ المُحيلِ ثم وَهَبَه المُحتالُ لِلمُحالِ عليه فهل يَرجِعُ المُحالُ عليه على المُحيلِ بشَيء؟ فيه وَجهانِ:

أحَدُهما: لا يَرِجُع عليه بشَيءٍ؛ لأنَّه لَم يُغرَّمْ شَيئًا؛ لأنَّ ما دَفَع رَجَع إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>