للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشار ابنُ القَصَّارِ إلى طَريقٍ مِنَ الاستِدلالِ: وهو أنَّ الحَوالةَ أُجيزتْ لِلضَّرورةِ والرِّفقِ، وبالصَّحابةِ حاجةٌ إلى بَيانِ حُكمِها، وكَونُ القَبولِ واجِبًا عليهم، فلو بينَ النَّبيُّ ذلك لاستَفاضَ فيهم واشتُهِرَ فلَمَّا لَم يَذكُرْ عنهم الذَّهابَ إلى ذلك اقتَضى أنَّه أمْرٌ لا يَلزَمُ، وإنَّما هو مُستَحبٌّ، والمَندوباتُ لا تُشتَهَرُ اشتِهارَ الواجباتِ.

وقد نَبَّهناكَ على ما تَقتَضيه أُصولُ الفِقهِ في هذه المَسألةِ (١).

رابعًا: المُحالُ عليه: وهو مَنْ عليه دَينٌ مُماثِلٌ لِلمَدينِ الأوَّلِ، أو هو مَنْ قبلَ الحَوالةَ على نَفْسِه.

وقد اختَلَف الفُقهاءُ في المُحالِ عليه، هل يُشترَطُ رِضاه أم لا؟

فذهَب الحَنفيَّةُ وهو قَولٌ لِلمالِكيَّةِ غيرُ المَشهورِ والشافِعيَّةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ إلى أنَّه يُعتبَرُ رِضا المُحالِ عليه، سَواءٌ كان عليه دَينٌ لِلمُحيلِ أو لا، حتى لو أُكرِهَ على قَبولِ الحَوالةِ لا يَصحُّ؛ لأنَّ الدَّينَ يَلزَمُه، فلا بُدَّ مِنَ التِزامِه، فلا لُزومَ بدونِ التِزامِه؛ ولأنَّه أحَدُ مَنْ تَتِمُّ به الحَوالةُ، فاعتُبِرَ رِضاه كالمُحيلِ والمُحتالِ.


(١) «التلقين» (٣/ ١/ ١١، ١٣)، ويُنظر: «الهداية» (٣/ ٩٩)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٦٦)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ١٦)، و «الاختيار» (٣/ ٤)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٩)، و «ابن عابدين» (٥/ ٣٤٢)، و «اللباب» (١/ ٥٨٥)، و «الإشراف» (٣/ ٥٧)، و «مواهب الجليل» (٧/ ١٨)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٥٢٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٠١)، و «التاج الجليل» (٤/ ١١٣)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٣٢)، و «البيان» (٦/ ٢٨٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٥٤)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٤٧٠)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٤٨٥)، و «الديباج» (٢/ ٢٧٢)، و «الإنصاف» (٥/ ٢٢٧)، و «الإفصاح» (١/ ٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>