فيَستَدعي كَونَه مُعاوَضةً عن حَقِّه، وقد وُجِدَ، وكذلك الأحكامُ تَشهَدُ بصِحَّةِ هذا.
٥ - ومنها أنَّه لا يَجوزُ التَّصرُّفُ في بَدَلِ الصُّلحِ قبلَ القَبضِ إذا كان مَنقولًا في نَوعَيِ الصُّلحِ، فلا يَجوزُ لِلمُدَّعِي بَيعُه وهِبَتُه ونَحوُ ذلك.
وإنْ كان عقارًا يَجوزُ عندَ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسُفَ، وعندَ مُحمدٍ لا يَجوزُ، ويَجوزُ ذلك في الصُّلحِ عن القِصاصِ لِلمُصالَحِ أنْ يَبيعَه ويُبرَأَ عنه قبلَ القَبضِ، وكذلك المَهرُ والخُلعُ.
والفَرقُ أنَّ المانِعَ مِنَ الجَوازِ في سائِرِ المَواضِعِ التَّحرُّزُ عن انفِساخِ العَقدِ على تَقديرِ الهَلاكِ، ولَم يُوجَدْ هنا؛ لأنَّ الصُّلحَ عن القِصاصِ بما لا يَحتمِلُ الانفِساخَ، فلا حاجةَ إلى الصِّيانةِ بالمَنعِ، كالمَوروثِ.
ولو صالَحَ عن القِصاصِ على عَينٍ فهَلَكتْ قبلَ التَّسليمِ فعليه قيمَتُها؛ لأنَّ الصُّلحَ لَم يَنفَسِخْ فبَقيَ وُجوبُ التَّسليمِ وهو عاجِزٌ عن تَسليمِ العَينِ لِلمُصالَحِ فيَجِبُ تَسليمُ القيمةِ.
٦ - ومنها أنَّ الوَكيلَ بالصُّلحِ إذا صالَحَ ببَدَلِ الصُّلحِ يَلزَمُه أو يَلزَمُ المُدَّعَى عليه، فهذا في الأصلِ لا يَخلو مِنْ وَجهَيْنِ: إمَّا أنْ يَكونَ الصُّلحُ في مَعنى المُعاوَضةِ، وإمَّا أنْ يَكونَ في مَعنى استِيفاءِ عَينِ الحَقِّ.
فإنْ كان في مَعنى المُعاوَضةِ يَلزَمُه دونَ المُدَّعَى عليه؛ لأنَّه يَكونُ جاريًا مَجرَى البَيعِ، وحُقوقُ البَيعِ راجِعةً إلى الوَكيلِ، وإنْ كان في مَعنى استِيفاءِ عَينِ الحَقِّ فهذا على وَجهَيْنِ أيضًا: إمَّا أنْ يَضمَنَ بَدَلَ الصُّلحِ، وإمَّا ألَّا