للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كان المُدَّعَى به دَينًا والصُّلحُ عن إقرارٍ:

فإنْ كان دَراهِمَ أو دَنانيرَ فصالَحَ منها لا يَخلو مِنْ أحَدِ وَجهَيْنِ: إمَّا أنْ يُصالِحَ منها على خِلافِ جِنسِها أو يُصالِحَ منها على جِنسِها:

فإنْ صالَحَ منها على خِلافِ جِنسِها فإنْ صالَحَ منها على عَينٍ جازَ؛ لأنَّ الصُّلحَ عليها في مَعنى بَيعِ الدَّينِ بالعَينِ، وهو جائِزٌ ولا يُشترَطُ القَبضُ.

وإنْ صالَحَ منها على دَينٍ سِواه لا يَجوزُ؛ لأنَّه بائِعٌ ما ليس عندَه؛ لأنَّ الدَّراهِمَ والدَّنانيرَ أثْمانٌ أبَدًا، وما وَقَعَ عليه الصُّلحُ مَبيعٌ، فالصُّلحُ في هذه الصُّورةِ يَقَعُ بَيعَ ما ليس عندَ البائِعِ، وهو مَنهيٌّ عنه.

وإنْ صالَحَ منها على جِنْسِها فإنْ صالَحَ مِنْ دَراهِمَ على دَراهِمَ فهذا لا يَخلو مِنْ ثَلاثةِ أوْجُهٍ:

إمَّا أنْ يُصالِحَ على مِثلِ حَقِّه.

وإمَّا أنْ يُصالِحَ على أقَلَّ مِنْ حَقِّه.

وإمَّا أنْ يُصالِحَ على أكثَرَ مِنْ حَقِّه.

فإنْ صالَحَ على مِثلِ حَقِّه قَدْرًا ووَصْفًا، بأنْ صالَحَ مِنْ ألْفٍ جِيادٍ على ألْفٍ جِيادٍ فلا شَكَّ في جَوازِه، ولا يُشترَطُ القَبضُ؛ لأنَّ هذا استِيفاءُ عَينِ حَقِّه أصلًا ووَصفًا.

ولو صالَحَ على أقَلَّ مِنْ حَقِّه قَدْرًا ووَصْفًا بأنْ صالَحَ مِنَ الألْفِ الجِيادِ على خَمسِمِئةٍ نَبَهرَجةٍ يَجوزُ أيضًا، ويُحمَلُ على استِيفاءِ بَعضِ عَينِ الحَقِّ أصلًا، والإبراءِ عن البَقيَّةِ أصلًا ووَصفًا؛ لأنَّ أُمورَ المُسلِمينَ مَحمولةٌ على

<<  <  ج: ص:  >  >>