وإمَّا أنْ يَكونَ حَقًّا ليس بعَينٍ ولا دَينٍ ولا مَنفَعةٍ.
وبَدَلُ الصُّلحِ لا يَخلو مِنْ أنْ يَكونَ عَينًا أو دَينًا أو مَنفَعةً، والصُّلحُ لا يَخلو مِنْ أنْ يَكونَ عن إقرارِ المُدَّعَى عليه أو عن إنكارِه أو عن سُكوتِه.
فإنْ كان المُدَّعَى عَينًا فصالَحَ منها عن إقرارٍ يَجوزُ، سَواءٌ كانَ بَدَلُ الصُّلحِ عَينًا أو دَينًا، بعدَ أنْ كان مَعلومَ القَدْرِ والصِّفةِ؛ إلا الحَيَوانَ وإلا الثِّيابَ إلا بجَميعِ شَرائِطِ السَّلَمِ -التي سبَق ذِكرُها-؛ لأنَّ هذا الصُّلحَ مِنَ الجانبَيْنِ جَميعًا في مَعنى البَيعِ، فكانَ بَدَلُ الصُّلحِ في مَعنى الثَّمَنِ، وهذه الأشياءُ تَصلُحُ ثَمَنًا في البِياعاتِ عَينًا كانتْ أو دَينًا، إلا الحَيَوانَ؛ لأنَّه يَثبُتُ دَينًا في الذِّمَّةِ بَدَلًا ممَّا هو مالٌ أصلًا، والثِّيابُ لا تَثبُتُ دَينًا في الذِّمَّةِ إلا بشَرائِطِ السَّلَمِ مِنْ بَيانِ القَدْرِ والوَصفِ والأجَلِ، والمَكيلُ والمَوزونُ يَثبُتانِ في الذِّمَّةِ مُطلَقًا في المُعاوَضةِ المُطلَقةِ مِنْ غيرِ أجَلٍ، ولا يُشترَطُ قَبضُه في المَجلِسِ؛ لأنَّه ليس بصَرفٍ، ولا في تَركِ قَبضِه افتِراقٌ عن دَينٍ بدَينٍ، بل هو افتِراقٌ عن عَينٍ بعَينٍ أو عَينٍ بدَينٍ، وكلُّ ذلك جائِزٌ.