للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندَ انعِدامِ البَيِّنةِ يَقَعُ الصُّلحُ تَبرُّعًا بمالِ الصَّغيرِ، وهو ضَرَرٌ مَحضٌ، فلا يَملِكُه الأبُ.

ولو صالَحَ الأبُ مِنْ مالِ نَفْسِه جازَ؛ لأنَّه ما أضَرَّ بالصَّغيرِ، بل نَفَعَه حيثُ قَطَعَ الخُصومةَ عنه.

ولو ادَّعى أبو الصَّغيرِ على إنسانٍ دَينًا لِلصَّغيرِ فصالَحَ على أنْ حَطَّ بَعضَه وأخَذَ البَقيَّةَ فإنْ كان له عليه بَيِّنةٌ لا يَجوزُ؛ لأنَّ الحَطَّ منه تَبرُّعٌ مِنْ مالِه، وهو لا يَملِكُ ذلك، وإنْ صالَحَه على مِثلِ قيمةِ ذلك الشَّيءِ أو أنقَصَ منه شَيئًا يَسيرًا جازَ؛ لأنَّ الصُّلحَ في هذه الصُّورةِ بمَعنى البَيعِ، وهو يَملِكُ البَيعَ، فيَملِكُ الصُّلحَ.

وهل يَملِكُ الأبُ الحَطَّ مِنْ دَينٍ وجَب لِلصَّغيرِ والإبراءَ عنه؟ هذا لا يَخلو مِنْ أحَدِ وَجهَيْنِ:

إنْ لَم يَكُنْ وَلِيَ العَقدَ بنَفْسِه فلا يَجوزُ بالإجماعِ؛ لأنَّ الحَطَّ والإبراءَ مِنْ بابِ التَّبرُّعِ، والأبَ لا يَملِكُ التَّبرُّعَ؛ لِكَونِه مَضَرَّةٌ مَحضةٌ.

وإنْ كان وَلِيَه بنَفْسِه يَجوزُ عندَ أبي حَنيفةَ ومُحمدٍ وعندَ أبي يُوسُفَ لا يَجوزُ، وهذا على اختِلافِهم في الوَكيلِ بالبَيعِ إذا أبرَأَ المُشتَري عن الثَّمَنِ أو حَطَّ بَعضَه.

٣ - أنْ يَكونَ المُصالِحُ عن الصَّغيرِ ممَّن يَملِكُ التَّصرُّفَ في مالِه؛ كالأبِ والجَدِّ والوَصيِّ؛ لأنَّ الصُّلحَ تَصرُّفٌ في المالِ، فيَختَصُّ بمَن يَملِكُ التَّصرُّفَ فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>