صُلحُ المَجنونِ والصَّبيِّ الذي لا يَعقِلُ؛ لِانعدامِ أهليَّةِ التَّصرُّفِ بانعِدامِ العَقلِ.
فأمَّا البُلوغُ فليس بشَرطٍ حتى يَصحَّ صُلحُ الصَّبيِّ في الجُملةِ، وهو الصَّبيُّ المأذونُ إذا كان له فيه نَفْعٌ، أو لم يَكُنْ له فيه ضَرَرٌ ظاهِرٌ.
بَيانُ ذلك إذا وجَب لِلصَّبيِّ المأذونِ على إنسانٍ دَينٌ فصالَحَه على بَعضِ حَقِّه فإنْ لَم يَكُنْ له عليه بَيِّنةٌ جازَ الصُّلحُ؛ لأنَّه عندَ انعِدامِ البَيِّنةِ لا حَقَّ له إلا الخُصومةَ والحَلِفَ، والمالُ أنفَعُ له منهما، وإنْ كان له عليه بَيِّنةٌ لا يَجوزُ الصُّلحُ؛ لأنَّ الحَطَّ تَبرُّعٌ، وهو لا يَملِكُ التَّبرُّعاتِ، ولو أخَّرَ الدَّينَ جازَ، سَواءٌ كانتْ له بَيِّنةٌ أو لا، فَرقًا بَينَه وبَينَ الصُّلحِ؛ لأنَّ تَأخيرَ الدَّينِ مِنْ أعمالِ التِّجارةِ، والصَّبيُّ المَأذونُ في التِّجاراتِ كالبالِغِ، ألَا تَرى أنَّه يَملِكُ التَّأجيلَ في العَقدِ نَفْسِه، بأنْ يَبيعَ بأجَلٍ، فيَملِكَه مُتأخِّرًا عن العَقدِ أيضًا، بخِلافِ الحَطِّ؟ لأنَّه ليس مِنَ التِّجارةِ، بل هو تَبرُّعٌ، فلا يَملِكُه، إلا أنَّه يَملِكُ حَطَّ بَعضِ الثَّمَنِ لِأجْلِ العَيبِ؛ لأنَّ حَطَّ بَعضِ الثَّمَنِ لِلعَيبِ قد يَكونُ أنفَعَ مِنْ أخْذِ المَبيعِ المَعيبِ، فكان ذلك مِنْ بابِ التِّجارةِ، فيَملِكُه.
٢ - وألَّا يَكونَ المُصالِحُ بالصُّلحِ على الصَّغيرِ مُضِرًّا به مَضَرَّةً ظاهِرةً، حتى إنَّ مَنْ ادَّعى على صَبيٍّ دَينًا فصالَحَ أبو الوَصيِّ مِنْ دَعواه على مالِ الصَّبيِّ الصَّغيرِ فإنْ كانَ لِلمُدَّعِي بَيِّنةٌ وما أعطَى مِنَ المالِ مِثلَ الحَقِّ المُدَّعَى أو زيادةً يُتغابَنُ في مِثلِها فالصُّلحُ جائِزٌ؛ لأنَّ الصُّلحَ في هذه الصُّورةِ لِمَعنى المُعاوَضةِ؛ لِإمكانِ الوُصولِ إلى كلِّ الحَقِّ بالبَيِّنةِ، والأبُ يَملِكُ المُعاوَضةَ مِنْ مالِ الصَّغيرِ بالغَبنِ اليَسيرِ، وإنْ لَم تَكُنْ له بَيِّنةٌ لا يَجوزُ؛ لأنَّه