الإمامُ؛ لأنَّ الهَواءَ لا يُفرَدُ بالعَقدِ، وإنَّما يَتبَعُ القَرارَ، كالحَملِ عن الأُمِّ؛ ولأنَّه إنْ ضَرَّ لَم يَجُزْ فِعلُه، وإنْ لَم يَضُرَّ فالمُخرِجُ مُستحِقُّه، وما يَستحِقُّه الإنسانُ في الطَّريقِ لا يَجوزُ أخْذُ العِوَضِ عنه، كالمُرورِ.
ويَجوزُ أنْ يُصالِحَ على إجراءِ الماءِ وعلى إلقاءِ الثَّلجِ في مِلكِ المُصالَحِ معه على مالٍ؛ لأنَّ الحاجةَ تَدعو إلى ذلك، لكنَّ مَحَلَّه في الماءِ المَجلوبِ مِنْ نَهَرٍ ونَحوِه إلى أرضِه، والحاصِلُ إلى سَطحِه مِنَ المَطَرِ.
أمَّا غَسالةُ الثِّيابِ والأواني فلا يَجوزُ الصُّلحُ على إجرائِها على مالٍ؛ لأنَّه مَجهولٌ لا تَدعو الحاجةُ إليه، وإنْ خالَفَ في ذلك البُلْقِينيُّ، وقال: إنَّ الحاجةَ إليه أكثَرُ مِنْ حاجةِ البِناءِ على الأرضِ.
وشَرطُ المُصالَحةِ على إجراءِ ماءِ المَطَرِ على سَطحٍ غَيرِه ألَّا يَكونَ له مَصرِفٌ إلى الطَّريقِ إلا بمُرورِه على سَطحِ جارِه، قاله الإسنَويُّ.
ومَحَلُّ الجَوازِ في الثَّلجِ إذا كان في أرضِ الغَيرِ، لا في سَطحِه؛ لِما فيه مِنَ الضَّرَرِ (١).
وقال الحَنابِلةُ: ويَصحُّ الصُّلحُ عما تَعذَّرَ عِلمُه مِنْ دَينٍ أو عَينٍ، كرَجُلَيْنِ بَينَهما مُعامَلةٌ، وحِسابٍ مَضى عليه زَمَنٌ، ولا عِلمَ لِواحِدٍ منهما بما عليه لِصاحِبِه؛ لِمَا رُويَ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال لِرَجُلَيْنِ اختَصَما في
(١) يُنظر: «روضة الطالبين» (٣/ ٤٠٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٣٧، ١٤٩)، و «الإقناع» (٢/ ٣٠٨)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٤٥٥، ٤٥٦)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٤٧٧، ٤٤٠).