للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَواريثَ دَرَسَتْ بَينَهما: «أَمَا إِذْ فَعَلْتُمَا مَا فَعَلْتُمَا فَاقْتَسِمَا وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ، ثُمَّ اسْتَهِمَا ثُمَّ تَحَالَّا» (١).

ولأنَّه إسقاطُ حَقٍّ فصَحَّ في المَجهولِ لِلحاجةِ، ولِئلَّا يُفضيَ إلى ضياعِ المالِ أو بَقاءِ شَغلِ الذِّمَّةِ؛ إذ لا طَريقَ إلى التَّخلُّصِ إلا به.

فأمَّا ما تُمكِنُ مَعرِفتُه فلا يَجوزُ.

وإنْ قال: «أقِرَّ لي بدَيْني وأُعطيكَ منه كذا»، فأقَرَّ لَزِمَه الدَّينُ؛ لأنَّه لا عُذرَ لِمَنْ أقَرَّ؛ ولأنَّه أقَرَّ بحَقٍّ يَحرُمُ عليه إنكارُه.

ولَم يَلزَمْه أنْ يُعطيَه لِوُجوبِ الإقرارِ عليه بلا عِوَضٍ.

وإنْ صالَحَ عن المُؤجَّلِ ببَعضِه حالًّا لَم يَصحَّ؛ لأنَّه يَبذُلُ القَدْرَ الذي يَحُطُّه عِوَضًا عن تَعجيلِ ما في ذِمَّتِه، وبَيعُ الحُلولِ والتَّأجيلِ لا يَجوزُ.

وإذا صالَحَه عن ألْفٍ حالَّةٍ بنِصفِها مُؤجَّلًا اختيارًا منه صَحَّ الإسقاطُ فَقَطْ؛ لأنَّه أسقَطَ عن طِيبِ نَفْسِه، ولا مانِعَ مِنْ صِحَّتِه ولَم يَصحَّ التَّأجيلُ؛ لأنَّ الحالَّ لا يَتأجَّلُ.

ويَصحُّ الصُّلحُ عن كلِّ ما يَجوزُ أخْذُ العِوَضِ عنه، سَواءٌ كان ممَّا يَجوزُ بَيعُه، أو لا يَجوزُ فيَصحُّ عن دَمِ العَمدِ وسُكنى الدارِ وعَيبِ المَبيعِ.

ومتى صالَحَ عمَّا يُوجِبُ القِصاصَ بأكثَرَ مِنْ دِيَتِه أو أقَلَّ جازَ، وقد رُوِيَ أنَّ الحَسنَ والحُسينَ وسَعيدَ بنَ العاصِ بَذَلوا لِلذي وجَب له


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٣٥٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>