للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أُلْغيَ الصُّلحَ؛ لأنَّ صِفةَ الحُلولِ لا يَصحُّ إلحاقُها، والخَمسةُ الأُخرى إنَّما تَرَكَها في مُقابَلةِ ذلك، فإذا لَم يَحصُلِ الحُلولُ لا يَصحُّ التَّركُ والصِّحَّةُ والتَّكسيرُ كالحُلولِ والتَّأجيلِ (١).

وقال الحَنابِلةُ: إذا أقَرَّ المُدَّعِي بدَينٍ أو عَينٍ ثم صالَحَ على بَعضِ الدَّينِ أو بَعضِ العَينِ المُدَّعاةِ، فهو هِبةٌ يَصحُّ بلَفظِها؛ لأنَّ الإنسانَ لا يُمنَعُ مِنْ إسقاطِ حَقِّه أو بَعضِه. ولو شَفَع فيه شافِعٌ لَم يَأثَمْ؛ لأنَّ النَّبيَّ كَلَّمَ غُرَماءَ جابِرٍ فوَضَعوا عنه الشَّطرَ (٢)، وكَلَّمَ كَعبَ بنَ مالِكٍ فوَضَعَ عن غَريمِه الشَّطرَ (٣).

ومَحَلُّ صِحَّةِ ذلك إنْ لَم يَكُنْ بلَفظِ الصُّلحِ، فإنْ وَقَعَ بلَفظِه لَم يَصحَّ؛ لأنَّه صالِحٌ عن بَعضِ مالِه ببَعضٍ، فمَعناه: صالِحْني على المِئةِ بخَمسينَ -أي: بِعْني- وذلك غيرُ جائِزٍ؛ لأنَّه رِبًا وهَضمٌ لِلحَقِّ وأكلُ مالٍ بالباطِلِ، وإنْ منَعه حَقَّه بدونِه لَم يَصحَّ ذلك.

ومَحَلُّه أيضًا إِنْ لَم يَكُنْ شرَطاهُ، بأنْ يَقولَ: أبرأتُكَ أو وَهَبتُكَ بشَرطِ أنْ


(١) «الوسيط» (٤/ ١٨٣، ١٨٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٣٩٥، ٣٩٩)، و «البيان» (٦/ ٢٤٢، ٢٤٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٢٧، ١٣١)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٤٣٩، ٤٤٤)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٤٣٣، ٤٣٨)، و «الديباج» (٢/ ٢٥٠، ٢٥٤)، و «حاشية قليوبي وعميرة على كنز الراغبين» (٢/ ٧٦٩، ٧٧٠)، و «حاشية البيجوري على شرح ابن القاسم» (١/ ٨٠٢، ٨٠٤).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أحمد (٣/ ٣١٣).
(٣) رواه البخاري (٤٥٧)، ومسلم (١٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>