للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إبراءٌ عن بَعضِ الدَّينِ بلَفظِ الصُّلحِ فيَصحُّ؛ لِحَديثِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ أنَّه تَقَاضَى ابنَ أبي حَدْرَدٍ دَيْنًا كان له عليه في عَهْدِ رَسولِ اللهِ في الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حتى سَمِعَهَا رَسولُ اللهِ وهو في بَيْتٍ، فَخرَج رَسولُ اللهِ إِلَيْهِمَا حتى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى كَعْبَ بنَ مَالِكٍ فقال: «يا كَعْبُ»، فقال: لَبَّيْكَ يا رَسُولَ اللهِ، فَأَشَارَ بيَدِه أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ، فقال كَعْبٌ: قد فَعَلْتُ يا رَسُولَ اللهِ، فقال رَسولُ اللهِ : «قُمْ فَاقْضِهِ» (١).

ويَصحُّ بلَفظِ الإبراءِ والحَطِّ ونَحوِهما، كالوَضعِ والإسقاطِ، وبلَفظِ الصُّلحِ في الأصَحِّ، كصالَحتُكَ على الألْفِ الذي لي عليكَ على خَمسِمِئةٍ.

ويُشترَطُ القَبولُ؛ لأنَّ اللَّفظَ بوَضعِه يَقتَضيه، ويُشترَطُ قَبضُ الخَمسِمِئةِ في المَجلِسِ، ولا يُشترَطُ تَعيينُها في الصُّلحِ نَفْسِه.

ولو صالَحَ مِنْ دَينٍ حالٍّ على مُؤجَّلٍ مِثلِه جِنسًا وقَدْرًا وصِفَةً، وعَكَسَ -أي: صالَحَ مِنْ مُؤجَّلٍ على حالٍّ مِثلِه كذلك- أُلْغيَ الصُّلحَ، فإنْ عَجَّلَ الدَّينَ المُؤجَّلَ صَحَّ الأداءُ وسَقَطَ الأجَلُ؛ لِصُدورِ الإيفاءِ والاستِيفاءِ مِنْ أهلِهما.

ولو صالَحَ مِنْ عَشَرةٍ حالَّةٍ على خَمسةٍ مُؤجَّلةٍ بَرِئَ مِنْ خَمسةٍ وبَقيَتْ خَمسةٌ حالَّةٌ؛ لأنَّه سامَحَ بحَطِّ بَعضٍ، ووَعَدَ بتأجيلِ البَقيَّةِ، والوَعدُ لا يَلزَمُ، والحَطُّ صَحيحٌ، ولو عَكَسَ بأنْ صالَحَ مِنْ عَشَرةٍ مُؤجَّلةٍ على خَمسةٍ حالَّةٍ


(١) رواه البخاري (٢٥٦٣)، ومسلم (١٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>