ولو صالَحَه على بَعضِ العَينِ المُدَّعاةِ، كمَن صالَحَ مِنَ الدارِ المُدَّعاةِ على نِصفِها أو ثُلُثِها، أو مِنَ الغَنيمَتَيْنِ كذلك، فهذا هِبةُ بَعضِ المُدَّعِي لِمَنْ هو في يَدِه، فيُشترَطُ لِصِحَّةِ الهِبةِ القَبولُ، ومُضيُّ زَمانٍ يُمكِنُ فيه القَبضُ، ويَصحُّ هذا بلَفظِ الهِبةِ، وما هو في مَعناها، وبلَفظِ الصُّلحِ، ولا يَصحُّ هذا الصُّلحُ بلَفظِ البَيعِ؛ لأنَّ العَينَ كلَّها مِلكُ المُقَرِّ له، فإذا باعَها ببَعضِها فقد باعَ الشَّيءَ ببَعضِه، وهو باطِلٌ.
وإنْ صالَحَه عن الدارِ المُدَّعاةِ على أنْ يَسكُنَها سَنةً فهو إعارةٌ لِلدارِ يَرجِعُ فيها مَتى شاءَ، وإذا رجَع لَم يَستحِقَّ أُجرةً لِلمُدَّةِ الماضيةِ على الصَّحيحِ؛ لأنَّها عاريةٌ.
وفي وَجهٍ يَستحِقُّ؛ لأنَّه قابَلَ به رَفعَ اليَدِ عنها، وهو عِوَضٌ فاسِدٌ، فيَرجِعُ بأُجرةِ المِثلِ.
ولو صالَحَه عنها على أنْ يَسكُنَها بمَنفَعةِ عَبدِه سَنةً فهو كما لو أجَّرَ دارًا بمَنفَعةِ عَبدٍ سَنةً.
النوع الثاني: صُلحُ الإبراءِ: وصُورةُ الإبراءِ بلَفظِ الصُّلحِ -ويُسمَّى: صُلحَ الحَطيطةِ، وسُمَّيَ بذلك لأنَّ صاحِبَ الحَقِّ قد حَطَّ جُزءًا عن المُدَّعَى عليه- بأنْ يَقولَ: صالَحتُكَ على الألْفِ الذي لي عَليكَ على خَمسِمِئةٍ، فهو