للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنْ كان المُصالَحُ به مَنفَعةً فإجارةٌ لِلمُصالَحِ به، وهو القِسمُ الثاني فيُشترَطُ فيها شُروطُها (١).

وقال الشافِعيَّةُ: الصُّلحُ مع الإقرارِ نَوعانِ: مُعاوَضةٌ وإبراءٌ:

النَّوعُ الأوَّلُ: صُلحُ المُعاوَضةِ -ويُسمَّى مُعاوَضةً؛ لأنَّ صاحِبَ الحَقِّ قد استَعاضَ عن حَقِّه بشَيءٍ آخَرَ رَضيَ به، عَينًا كان أو مَنفَعةً-: وهو الذي يَجري على غيرِ العَينِ المُدَّعاةِ بأنِ ادَّعى عليه دارًا مَثَلًا، فأقَرَّ بها وصالَحَه منها على عَبدٍ، أو على دابَّةٍ أو ثَوبٍ، فهذا حُكمُه حُكمُ المَبيعِ، وإنْ عُقِدَ بلَفظِ الصُّلحِ نُظِرَ إلى المَعنى، ويَتعلَّقُ به جَميعُ أحكامِ البَيعِ، كالرَّدِّ بالعَيبِ والأخذِ بالشُّفعةِ والمَنعِ مِنَ التَّصرُّفِ قبلَ القَبضِ، والقَبضُ في المَجلِسِ إنْ كان المُصالَحُ عليه والمُصالَحُ عنه رِبَويًّا مُتَّفِقَيْنِ في عِلَّةِ الرِّبا -كالصُّلحِ عن فِضَّةٍ بذهَب-، واشتِراطُ التَّساوي في مِعيارِ الشَّرعِ إنْ كانا جِنسًا واحِدًا -كذهَب بذهَب أو قَمحٍ بقَمحٍ- ويَفسُدُ بالغَرَرِ والجَهلِ، وبالشُّروطِ الفاسِدةِ، كفَسادِ البَيعِ.

وإنْ جَرَى الصُّلحُ مِنَ العَينِ المُدَّعاةِ على مَنفَعةٍ لِغَيرِ العَينِ المُدَّعاةِ، كأنْ صالَحَه عن الدارِ على استِعمالِ سَيَّارَتِه سَنةً مَثَلًا، كان ذلك الصُّلحُ عَقدَ إجارةٍ، ويَثبُتُ فيه أحكامُ الإجارةِ؛ لأنَّه في مَعناها.

وإنْ جَرى الصُّلحُ على مَنفَعةِ العَينِ المُدَّعاةِ نَفْسِها، كأنْ صالَحَه على أنْ يَسكُنَ المُدَّعِي الدارَ المُدَّعاةَ مَثَلًا عَشرَ سَنَواتٍ، ثم يَرُدَّها إليه، فهو إعارةٌ تَثبُتُ فيه أحكامُها؛ لأنَّه في مَعناها.


(١) «تحبير المختصر» (٤/ ١٨٠)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٥٠٣، ٥٠٤)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٦)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٩٩)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢، ٣)، و «شرح ميارة» (١/ ٢٢٧)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٤٥٩)، و «بلغة السالك» (٣/ ٢٥٦، ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>